الرياض تنشد السلام وتتسلح للحرب.. ما الذي يحدث؟

اليمن الجديد نيوز | تقارير |
وقعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أكبر صفقة تسليح في التاريخ، بلغت قيمتها نحو 142 مليار دولار، لتزويد الرياض بمعدات قتالية متطورة، شملت أنظمة دفاع جوي وهجومي، وطائرات حربية، وتكنولوجيا متقدمة لتعزيز القدرات العسكرية للمملكة في إعلان وصفته واشنطن بالتاريخي.
لكن هذا الرقم الصادم يطرح سؤالًا محورياً، لماذا كل هذا التسلح، في حين تعلن المملكة في خطابها السياسي أنها تنشد السلام والاستقرار في المنطقة؟
تناقض بين الخطاب السياسي والواقع العسكري
المفارقة في هذه الصفقة تكمن في الهوة الشاسعة بين الخطاب الرسمي السعودي الداعي إلى التهدئة والتعاون الإقليمي، وبين ضخامة الاستعدادات العسكرية، التي تعكس توجهاً مغايراً.
هل يعقل أن يكون هذا الكم من السلاح لأغراض دفاعية فقط؟ أم أن هناك سيناريوهات أخرى خلف الكواليس؟
موجه ضد من؟ الداخل أم دول الجوار؟
من جهة، لا تواجه السعودية حالياً غزواً مباشراً أو تهديداً عسكريًا حتمياً من دول الجوار يبرر هذا النوع من التسليح الضخم بل على العكس هي من قامت بغزو اليمن في مارس من العام 2015 وتحتل أجزاء منها حتى اليوم.
ومن جهة أخرى، تصاعد الخطاب الأمني الداخلي وتوسع أدوات القمع التكنولوجي والعسكري يثير الشكوك بأن بعض هذا التسليح قد يستخدم في الداخل، في مواجهة أي حراك شعبي أو معارضة سياسية محتملة بعد وفاة الملك سلمان بن عبدالعزيز.
صفقة أم ابتزاز استراتيجي؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم يخفي رغبته في تحويل أمن الخليج إلى صفقة مالية، وقد صرح أكثر من مرة بأن ما تقدمه السعودية والإمارات وقطر هو “مقابل حماية أمريكية” لعروش الحكام.
وبذلك تتحول مثل هذه الصفقات إلى ابتزاز ممنهج مغطى بخطاب استراتيجي مفرغ من مضمونه.
ما بين خطاب السلام ومشهد التسلح، تبرز فجوة أخلاقية واستراتيجية يجب على صناع القرار السعوديين مواجهتها بجدية، خاصة في ظل تغيّرات عالمية تضعف هيبة الحماية الأمريكية نفسها.
توقيع صفقة تسليح بهذا الحجم يفرض ضرورة مراجعة جذرية لأهداف السياسة الأمنية في الخليج.
فالدعوة إلى السلام لا تستقيم مع سياسات تسلح غير مبررة، ولا مع خضوع كامل للمظلة الأمريكية.
والتاريخ أثبت أن الأمن الحقيقي ينبع من الداخل، من العدالة والاستقرار، لا من طائرات F-15 ولا من بطاريات باتريوت.