انهيار معيشي ومطالب بتوحيد البنك المركزي اليمني
اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات
يشهد اليمن تصاعداً حاداً في أزمة اقتصادية خانقة، أدت إلى تدهور كبير في العملة المحلية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار 2050 ريالاً لأول مرة في التاريخ، وهو ما يهدد بمزيد من التدهور إذا وصل إلى 2100 ريال. ورافق هذا الانهيار تساوي سعر صرف الريال السعودي في عدن مع سعر صرف الدولار في صنعاء عند 534 ريالاً تقريباً، مما يعكس فوارق اقتصادية حادة بين مناطق حكومة عدن وحكومة صنعاء.
يأتي هذا الوضع الاقتصادي المأزوم في وقت تتزايد فيه معاناة المواطنين في عدن والمحافظات المجاورة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والأساسية، وأصبحت القدرة الشرائية للمواطنين في أدنى مستوياتها. وتحدثت الحكومة المعترف بها دولياً عن خطط إنقاذ اقتصادي، إلا أن الوضع ما زال في حالة تدهور دون تحقيق الاستقرار المطلوب للعملة المحلية.
وفي ظل هذه الأزمة، تشهد الشوارع احتجاجات واسعة للمطالبة بخفض الأسعار وزيادة الرواتب، حيث يعاني الموظفون من رواتب متدنية وغير منتظمة، تساهم في تعقيد أوضاعهم المعيشية. وفي بيان صدر عن نقابة المعلمين بتعز، طالبت النقابة بزيادة 30 ألف ريال على راتب كل معلم في المحافظة، تماشياً مع زيادات مماثلة في محافظات أخرى مثل عدن وحضرموت ومأرب، وذلك لمواجهة الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة.
الحل الممكن: توحيد البنك المركزي
يرى مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبيرغ، أن الحل الأنجع للأزمة الاقتصادية يكمن في الإصلاحات الاقتصادية، مشدداً على ضرورة توحيد العملة وتوحيد البنك المركزي اليمني والسياسة النقدية. ويشير غروندبيرغ إلى أن هذه الخطوة أساسية للتوصل إلى حل سياسي شامل، ويتباحث بشأنها مع الأطراف المعنية في الفترة الأخيرة، في ظل مطالبات باستئناف تصدير النفط والغاز وصرف رواتب الموظفين التي انقطعت منذ سبتمبر 2016.
وتدعم شخصيات سياسية من مختلف الأحزاب اليمنية فكرة توحيد البنك المركزي باعتباره الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي. ووفقاً لتصريحات قيادات من المؤتمر الشعبي العام، فإن توحيد البنك المركزي يعتبر الحل الأمثل للتخفيف من التوترات القائمة، واستخدام تدابير شفافة لتعزيز الثقة، مع ضمانات دولية تدفع بعملية السلام قدماً.
ونشرت وكالة رويترز أن حكومة عدن تواجه أزمة مالية غير مسبوقة، تسببت في تأخر صرف رواتب الموظفين لعدة أشهر، وعجزت عن تأمين الوقود لمحطات توليد الكهرباء، ما أثر سلباً على الخدمات الأساسية. وتعاني الحكومة أيضاً من تراجع حاد في الإيرادات، حيث انخفضت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، في وقت لم يتمكن فيه البنك المركزي في عدن من فرض سيطرته على جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
وأشار التقرير إلى أن العجز في ميزان المدفوعات بلغ مستويات قياسية، بسبب نقص الموارد المالية وزيادة الطلب على العملة الأجنبية لتغطية فاتورة الاستيراد. وتبذل الحكومة جهوداً للحصول على دعم مالي من السعودية والإمارات والجهات المانحة، لتلبية احتياجاتها وسد العجز في ميزانيتها.
الأزمة المالية ورواتب المسؤولين في الخارج
تتزامن هذه الأزمة المالية الخانقة مع تواجد عدد كبير من مسؤولي حكومة عدن في الخارج، الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار مع حوافز شهرية منتظمة، رغم صدور توجيهات من رئيس مجلس عدن الرئاسي رشاد العليمي بعودتهم إلى الداخل. ووفقاً لمصادر محلية، قامت قوات المجلس الانتقالي في عدن باعتقال ثلاثة مسؤولين في مجلس الوزراء، وهم مساعد مدير مكتب رئيس الوزراء علي النعيمي، ورئيس دائرة السكرتارية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء موسى الصريب، ومدير عام الموارد علي القحوي، بسبب تقديمهم مقترحاً يهدف إلى تخفيض رواتب مسؤولي الحكومة في الخارج، الذين يتقاضونها بالعملة الصعبة.
وفي سياق متصل، ذكر رئيس البنك اليمني الأهلي في عدن، محمد حسين حلبوب، أن هناك حوالي 2000 مسؤول حكومي يتواجدون خارج البلاد، يتلقون دعماً مالياً شهرياً يبلغ نحو 815 مليار ريال يمني (ما يعادل أكثر من 43 مليون دولار)، بالإضافة إلى رواتب تصل إلى 12 مليون دولار شهرياً. وأشار حلبوب إلى أن هؤلاء المسؤولين لا يمارسون أي أنشطة حكومية حقيقية، مما يؤدي إلى استنزاف الميزانية العامة ويعزز من أزمة الفساد المالي في البلاد.
وفي تقرير صدر مؤخراً، اتهمت الولايات المتحدة حكومة عدن بالفساد وغياب الشفافية المالية، وأكدت ضرورة أن تنشر الحكومة وثائق ميزانيتها وتفاصيل التزاماتها المالية، لتكون متاحة للجمهور في إطار تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد.