ترامب: الخليج منتج أمريكي الصنع

اليمن الجديد نيوز| تقارير|
جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابه المتعالي في مشهد يعكس فلسفة “الحماية مقابل الولاء”، تجاه حلفاء واشنطن في الخليج، قائلاً إن ما تقدمه السعودية والإمارات وقطر هو بادرة تقدير لدور الولايات المتحدة في حمايتها، مضيفاً بشكل لافت، نحن نبقي هذه الدول آمنة، ولولا أمريكا لما استمر وجودها على الخريطة.
تعيد هذه التصريحات التأكيد على النهج الترامبي الذي يرى في العلاقات الدولية صفقة تجارية محضة، الأمن مقابل المال، والتحالف مقابل التبعية.
وهي نظرة تبتعد عن المفاهيم التقليدية للتحالفات الاستراتيجية المبنية على المصالح المتبادلة، لتتحول إلى نوع من “الوصاية السياسية” التي تقدم فيها الدول الغنية ولاءها السياسي والمالي، مقابل “الحماية الأمريكية”.
لكن اللافت أن ترامب لا يتحدث عن خطر محدد يهدد بقاء هذه الدول، بقدر ما يرسخ صورة أمريكا كقوة متفردة تتحكم في خريطة العالم السياسي.
من زاوية أخرى، تكشف هذه التصريحات جانباً من رؤية أمريكية قديمة لكن بصيغة أكثر فظاظة وصراحة، تعكس كيف تنظر بعض الدوائر السياسية في واشنطن إلى دول الخليج، لا كشركاء، بل كـ”كيانات تابعة” لا يمكنها البقاء دون المظلة الأمريكية.
ترامب، في معظم تصريحاته، لا يتحدث بصفته رجل دولة بقدر ما يتحدث كسمسار صفقات، يستخدم التهديد الإيراني، والفوضى الإقليمية، والإرهاب، كأوراق لتخويف الخليج، ثم يعرض “الخدمة الأمنية” مقابل المال.
هذا الأسلوب قد ينجح في إقناع الداخل الأمريكي، لكنه يهين شعوباً بأكملها، ويضرب فكرة العلاقات المتوازنة في مقتل.
التبعية الأمنية المطلقة لم تعد خياراً مستداماً في عالم متغير، الحرب في أوكرانيا، التوتر في آسيا، والتقارب بين الصين وروسيا وإيران، كلها عوامل تجعل من الواضح أن المظلة الأمريكية لم تعد كافية ولا مضمونة.
إذا كانت الولايات المتحدة تعتبر أن وجود الخليج مرهون بها، فعلى هذه الدول أن تبدأ التفكير بشكل جدي في تنويع مصادر تسليحها، وتحالفاتها، وربما، في بناء مشروع أمن إقليمي مستقل، ولو جزئياً، ليضمن لها الحد الأدنى من الكرامة السياسية والسيادة الفعلية.
السؤال الذي تطرحه هذه التصريحات اليوم هو: إلى أي مدى يمكن لدول الخليج الاستمرار في العلاقة على هذا الأساس دون مراجعة استراتيجية تضمن استقلال القرار السياسي والأمني؟ وهل سيبقى “الخوف من المجهول” هو العامل الذي يبرر هذه التبعية؟ أم أن المرحلة القادمة تفرض إعادة قراءة شاملة لطبيعة الحماية الأمريكية وما إذا كانت بالفعل حماية، أم تحكماً في مصير الشعوب؟