كواليس عودة الحرب إلى الواجهة بين السعودية والحوثيين

بعد سنوات من الحرب في اليمن ومحاولات متعثرة لتحقيق السلام، عادت السعودية إلى مربع التصعيد مجدداً بعد تغيّر السياسة الأمريكية مع إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
هذا التحول يعيد إلى الواجهة التساؤلات حول قدرة المملكة على تحمل تبعات أي مغامرة عسكرية جديدة في ظل التهديدات الاقتصادية المتزايدة.
تراجع السعودية عن مسار السلام
في عام 2019، ظهرت مؤشرات على أن السعودية كانت تسعى لتحقيق السلام في اليمن، مدفوعة بالضغط الدولي وتصاعد التهديدات الأمنية القادمة من الحوثيين وفشل البيت الأبيض حينها في حماية الاقتصاد السعودي.
لكن مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يبدو أن المملكة وجدت دعماً سياسياً وعسكرياً يشجعها على تبني سياسات عسكرية جديدة تجاه صنعاء.
هذا التراجع عن مسار السلام يضع السعودية أمام تحديات اقتصادية واستراتيجية كبيرة، خصوصاً مع التنامي المستمر لقدرات الحوثيين (أنصار الله) العسكرية.
الحوثيون وتصاعد التهديد
تطور ترسانة الحوثيين (أنصار الله) العسكرية منذ عام 2019 جعلهم قوة إقليمية لا يمكن تجاهلها، الطائرات المسيرة والصواريخ الفرط صوتية التي يمتلكونها باتت تهدد ليس فقط المنشآت الحيوية داخل السعودية، بل أيضاً استقرار الاقتصاد العالمي، كما حدث في الهجوم على منشآت أرامكو وهذه المرة بغمضة عين.
اليوم، بات الحوثيون قادرين على استهداف أي نقطة داخل المملكة، مما يجعل تكلفة أي مغامرة عسكرية سعودية باهظة للغاية.
التصعيد مع الحوثيين (أنصار الله* يعني تعريض البنية التحتية السعودية والقطاع النفطي لمخاطر هائلة، وهو أمر قد يفاقم من أزمات الاقتصاد السعودي الذي يواجه تحديات مرتبطة بتقلب أسعار النفط والإصلاحات الاقتصادية الطموحة.
ترامب ومغامرة التصعيد
مع تولي ترامب للرئاسة مرة أخرى، تعهدت إدارته بتقديم الدعم الكامل للسعودية، سواء عسكرياً أو سياسياً، ولكن هذا الدعم قد يدفع المملكة إلى اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر، مثل الاستمرار في الحرب أو تصعيد العمليات العسكرية ضد صنعاء.
في المقابل، أي مغامرة عسكرية ستُضعف استقرار المنطقة وتهدد المشاريع الاقتصادية الكبرى التي تراهن عليها السعودية لتحقيق رؤيتها 2030، تكاليف الحرب في اليمن تجاوزت التوقعات، وأي تصعيد إضافي قد يعمق الأزمات المالية للمملكة، مما يجعلها في مواجهة ضغوط دولية واقتصادية أكبر.
إن عودة السعودية إلى التصعيد مع الحوثيين (أنصار الله) بدعم من إدارة ترامب يمثل رهاناً خطيراً قد يكلف المملكة الكثير، مع تهديد الحوثيين المستمر وضرباتهم الدقيقة، والتحديات الاقتصادية الداخلية، يصبح السؤال الملح: هل تستطيع الرياض تحمل تكلفة هذه المغامرة في ظل اقتصاد عالمي مضطرب وبيئة إقليمية شديدة التعقيد؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.