الاخبار الرئيسيةتقارير وتحليلات

شرخٌ داخل التحالف يقترب من الانفجار

تهديدات إماراتية للعليمي تُحرج الرياض… وتقرير أمريكي يلمّح لاشتباك وشيك بين الوكلاء في شرق اليمن

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات

تتسارع التطورات السياسية داخل معسكر التحالف السعودي–الإماراتي في اليمن، وسط مؤشرات تصعيد غير مسبوق في الخلافات البينية، عقب رسائل إماراتية وُصفت بأنها تحمل طابع الضغط والتهديد المباشر تجاه رئيس ما يُسمّى بـ«مجلس القيادة الرئاسي» رشاد العليمي، مطالِبةً إياه بمغادرة المشهد السياسي وترك المحافظات الجنوبية.

هذه التطورات لا تبدو مجرد “تراشق إعلامي”، بل تعكس—وفق ما يرشح من تصريحات ومواقف—انتقال الخلافات من مرحلة التباين السياسي إلى مرحلة كسر العظم داخل معسكر الحرب على اليمن، في وقت تتسع فيه الهوة بين الرياض وأبوظبي، وتزداد احتمالات انفلات الوضع ميدانياً عبر وكلائهما المحليين.

رسالة إماراتية من العيار الثقيل: “لا حضور على الأرض”

في السياق نفسه، برز منشور لمستشار رئيس دولة الإمارات عبدالخالق عبدالله على منصة «إكس»، خاطب فيه العليمي بلهجة اعتُبرت رسالة ضغط صريحة، قائلاً إن مجلسه «لم يعد له حضور على أرض الواقع».

وأشار عبدالله إلى مظاهر اعتبرها دلائل فشل، من بينها: عدم قدرة المجلس على عقد اجتماعات مكتملة، وعدم تحقيق أي تقدم عسكري، إلى جانب استقالات عدد من الوزراء، بما يوحي—بحسب فحوى الرسالة—بتآكل شرعية هذا الكيان حتى داخل معسكره.

ولم يقف الخطاب عند حدود التشخيص، بل اتجه نحو ما قرأه مراقبون باعتباره أمراً سياسياً: دعوة العليمي إلى «مغادرة المشهد السياسي بكرامة»، وترك الجنوب لما سماه «تقرير المصير».

الرياض منزعجة… وإعلاميون سعوديون يرونها “طعنة في الظهر”

في المقابل، تعكس كتابات ومواقف إعلاميين سعوديين غضباً متنامياً إزاء تحركات المجلس الانتقالي—المحسوب على أبوظبي—وهي تحركات يُنظر إليها في السعودية بوصفها تقويضاً لمعسكرها وخلق واقع جديد على الأرض على حساب “الشرعية” التي تتبناها المملكة سياسياً.

ويظهر هذا الاتجاه في ما دوّنه الإعلامي السعودي علي العريشي على مواقع التواصل، إذ اعتبر أن «تعنّت الانتقالي واستهدافه الممنهج للشرعية» قد يدفع الأخيرة إلى «الدفاع عن شرعيتها بكل الوسائل المتاحة»، محذراً من أن فرض واقع بالقوة قد يقود إلى ارتدادات أمنية خطيرة.
وتجاوز خطاب العريشي سقف التحذير، وصولاً إلى ما فُهم كتلميح لاحتمال مواجهة عسكرية، في رسالة اعتبرها متابعون إشارة سعودية مبطّنة تجاه “الانتقالي” ومشروعه.

تقرير “معهد واشنطن”: حليفان أمريكيان على حافة مواجهة

على المستوى الدولي، يذهب تقرير صادر عن “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” إلى ترجيح اقتراب السعودية والإمارات—حليفتي الولايات المتحدة—من مواجهة مفتوحة في اليمن، وهو تقدير يعكس قلقاً من أن التحالف الذي قاد الحرب على اليمن قد يتحول إلى خصومة مباشرة، أو على الأقل صدام عبر الوكلاء.

ويحيل التقرير—المنسوب للباحثة إبريل لونغلي آلي—إلى أن سيطرة القوات الموالية للإمارات على محافظتَي حضرموت والمهرة خلال ديسمبر الجاري تمثل تحوّلاً جذرياً في موازين الصراع، بالنظر إلى ما تمثله المنطقتان من أهمية استراتيجية ونفطية وحدودية.

وبحسب فحوى التقرير، فإن التوتر في شرق اليمن لا يمكن فصله عن الخلافات الإقليمية المتصاعدة بين الرياض وأبوظبي، بما في ذلك تباين مواقفهما في السودان، وهو ما يجعل اليمن ساحة انعكاس لصراع نفوذ أوسع.

تحرّك أمريكي لاحتواء الأزمة… واجتماع خليجي عاجل مقترح

ضمن زاوية الاحتواء، يشير التقرير إلى وجود تحركات أمريكية رفيعة المستوى تهدف إلى منع الاصطدام بين الحليفين، كاشفاً عن مقترح أمريكي لعقد اجتماع عاجل لدول الخليج بهدف تهدئة التوتر، ووضع أسس تفاهمات أوسع على المدى البعيد.

لكن دلالة هذا المقترح—كما تعكسه القراءة الواردة—أنه يأتي بعدما بدأت مؤشرات الأزمة تتجاوز السيطرة، وباتت واشنطن ترى أن شرارة محلية قد تشعل مواجهة بين قوتين إقليميتين تتشاركان النفوذ داخل اليمن.

وادي حضرموت على خط النار… احتمال الاشتباك بين “وكلاء” الرياض وأبوظبي
الأخطر في التقديرات الواردة، هو توقع التقرير اندلاع مواجهات عسكرية في وادي حضرموت بين قوات موالية للسعودية وأخرى موالية للإمارات إذا فشلت جهود الاحتواء.

وبحسب التقرير ذاته، تدرك قيادات “المجلس الانتقالي” مخاطر العزلة الدولية في حال إعلان الانفصال، إلا أنها قد تلجأ إلى هذه الخطوة إذا شعرت بمحاولات لعزلها سياسياً دون مخرج، بما يعني أن “خيار التصعيد” قد يتحول إلى ورقة ضغط نهائية حين تضيق البدائل.

خلاصة المشهد: معسكر الحرب يتشظى… وقوات حكومة صنعاء تراقب تصدع خصومها

تُظهر هذه الوقائع ارتفاعاً واضحاً في مستوى الصراع داخل معسكر التحالف الذي قاد الحرب على اليمن، وتكشف أن التناقضات بين رعاته الإقليميين لم تعد قابلة للإخفاء، بل بدأت تتجسد في لغة تهديد، ورسائل علنية، وتحذيرات من مواجهة.

وفي الوقت الذي يتنازع فيه الحلفاء على النفوذ والخرائط، تبدو النتيجة الأبرز أن جبهة خصوم اليمن—التي لطالما قدّمت نفسها ككتلة واحدة—تتحول إلى جبهات متقابلة، ما يضع المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة، قد تبدأ باشتباك بين الوكلاء المحليين وتمتد إلى صدام سياسي وأمني أوسع.

وفي المحصلة، تعكس هذه التطورات هشاشة تحالف الحرب نفسه، وتكشف أن الصراع لم يعد يدور فقط ضد اليمن، بل بات يأكل أطرافه من الداخل، فيما تبقى قوات حكومة صنعاء الطرف الأكثر استفادة من انكشاف التصدعات وتحوّل المعسكر المقابل إلى ساحة نزاع بين داعميه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى