اخبارالاخبار الرئيسية

ضربات اليمن تغيّر قواعد اللعبة: واشنطن تتجه للمسيّرات الرخيصة بعد اهتزاز هيمنتها في البحر الأحمر

اليمن الجديد نيوز | أخبار

في تحوُّل لافت يعكس تغيّر موازين القوة في الإقليم، باتت العمليات اليمنية في البحر الأحمر واحدةً من أبرز العوامل التي دفعت واشنطن إلى مراجعة مفهوم تفوّقها العسكري التقليدي. فوفق ما نشرته وكالة بلومبيرغ، تعمل القيادة المركزية للجيش الأمريكي على تأسيس قوة جديدة مخصّصة لتشغيل مسيّرات خفيفة ومنخفضة التكلفة، في خطوة تُعد إقرارًا ضمنيًا بأن أساليب القتال التقليدية لم تعد تمنحها الأفضلية ذاتها في الميدان.

وتشير الوكالة إلى أن الضربات اليمنية المتكرّرة ضد السفن العسكرية والتجارية المرتبطة بإسرائيل أو الجهات الداعمة لها خلال حرب غزة، واعتمادها على مسيّرات وصواريخ منخفضة الكلفة، دفعت الولايات المتحدة إلى الاعتراف بتراجع قدرة منظوماتها المتقدمة على فرض السيطرة البحرية؛ إذ كشفت المواجهات أن الفجوة بين كلفة الهجوم اليمني وكلفة الاعتراض الأمريكي أصبحت واسعة على نحو يحدّ من فاعلية التفوق التقني.

فبينما قد لا تتجاوز تكلفة المسيّرة الهجومية اليمنية بضعة آلاف من الدولارات، تصل تكلفة المسيّرة الأمريكية المتطورة MQ-9 إلى نحو 30 مليون دولار، الأمر الذي حوّل التفوق التكنولوجي الأمريكي نفسه إلى عبء في ساحة قتال تعتمد على الاستنزاف والضربات السريعة ومنخفضة التكلفة.

وبالتزامن مع تصاعد الضغط العملياتي في البحر الأحمر، أنشأت واشنطن قوة جديدة تحت اسم “سكوربيون سترايك” تعتمد على مسيّرات صغيرة ورخيصة تنتجها شركة في ولاية أريزونا، قابلة للاستخدام في مهام الاستطلاع والعمليات البحرية، ويمكن تزويد بعضها برؤوس متفجّرة إذا اقتضت الحاجة، في محاولة لمجاراة التكتيكات التي أثبتت فاعليتها في الميدان.

ويرى محللون أن هذا التحرك لا يعكس رؤية استراتيجية طويلة المدى بقدر ما يكشف استجابة اضطرارية فرضتها حقائق الميدان، إذ تحوّل البحر الأحمر –بفعل العمليات اليمنية– إلى ساحة اختبار جديدة تُعاد فيها صياغة قواعد الاشتباك. فالتقنيات البسيطة التي نجحت في تجاوز أنظمة الحماية المتقدمة أظهرت أن الهيمنة البحرية التقليدية لم تعد مطلقة، وأن القدرات منخفضة التكلفة يمكن أن تُغيّر اتجاه الصراع.

وتشير بلومبيرغ إلى أن البنتاغون يخوض اليوم سباقًا مع الزمن لتطوير أسلحة أقل كلفة وأكثر مرونة للتعامل مع المواجهات غير المتكافئة، في ظل مرحلة تتآكل فيها ركائز التفوق العسكري الأمريكي تدريجيًا، ليس فقط بسبب تكتيكات الخصوم، بل أيضًا نتيجة تحولات أوسع في طبيعة الحروب الحديثة، حيث بات معيار الفاعلية في الميدان يتجاوز حدود التطور التكنولوجي البحت.

وفي ضوء ما تشهده مياه البحر الأحمر، تبدو واشنطن أمام مراجعة شاملة لعقيدتها القتالية إذا أرادت استعادة قدرتها على التأثير في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم، بعدما أثبتت الأحداث أن معادلات القوة التقليدية لم تعد كافية لضمان السيطرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى