اخبارالاخبار الرئيسيةتقارير وتحليلات

موتى بلا قبور.. والشعوب تنظر في صمت

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|

تحت أنين الركام، وعلى هامش العناوين الكبرى، تصرخ غزة بنداء لا يشبه سواه، ليست مناشدة للحصول على سلاح أو دواء، بل لحق بسيط وأصيل دفن الموتى بكرامة.

تحت القصف الإسرائيلي، لم تعد المقابر تكفي، الأجساد التي كانت تنتظر الأمل صارت تنتظر حفرة في الأرض، لهذا أطلقت وزارة الأوقاف بغزة حملة إنسانية عاجلة تحت اسم “إكرام”، لتأمين قبور مجانية تليق بكرامة الشهداء والضحايا الذين يتساقطون يومياً.

ليست هذه الكلمات مشهداً درامياً من رواية حزينة، بل واقع موثق، نقص حاد في الأكفان، وانهيار في القدرة على توفير مواد البناء البسيطة لحفر القبور، وأدوات الحفر تستخدم حتى التلف في مقابر باتت تزدحم أكثر من أي وقت مضى.

“نناشد الدول العربية والإسلامية، وأهل الخير وأصحاب الضمائر الحية، أن يقفوا معنا”، تقول وزارة الأوقاف في بيانها، مشددة على أن الحاجة باتت تمس كل ما يخص دفن الموتى وفق الشريعة، من الكفن حتى تجهيز القبر.

وسط هذه المأساة، لا تطالب غزة بالكثير، بل بأبسط ما يمكن أن يقدم للإنسان حين تنتهي رحلته، مكان يضم جسده، ويد تدعو له بالرحمة، وكفن يلفه بالستر الأخير.

الموت في غزة ليس رقماَ في نشرات الأخبار، بل حكاية كاملة تبدأ من رائحة الغبار ولا تنتهي إلا حين يطوى الجسد في قبر يليق بإنسانيته.

لكن خلف هذه المناشدة الصادقة، تقف الحقيقة المرة بلا مواربة، خذلان عربي، لا يحتاج إلى شرح، وصمت رسمي يكاد يكون تواطؤاً.

تترك غزة وحدها لتدفن أبناءها، لا بقدرات دولة، بل بهمة متطوعين وأكفان يرسلها أصحاب القلوب الرحيمة، وبينما تتكاثر الجثامين، تتكاثر أيضاً خطب المؤتمرات عن “التضامن” و”القلق العميق”.

أما القانون الدولي الإنساني، فبات نكتة باهتة في محكمة مهجورة، يتحدث عن حماية المدنيين، ولا يمنع قتلهم، يتغنى بكرامة الإنسان، لكنه يعجز عن تأمين كفن له، كل ما تبقى منه حبر باهت على ورق، يستخدم لتزيين بيانات عاجزة لا تغير شيئاً من واقع المجازر اليومية.
في غزة، الدم لا ينتظر بيانات.. بل ضميراً لا يدفن مع أهله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى