اخبارالاخبار الرئيسية

مات النجار.. وسقطت المواثيق الدولية

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|

توقف الزمن عند لحظة مأساوية لا تنسى، في مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة.

توقف قلب رضيع، لم يكمل شهره الثالث بعد، اسمه يحيى النجار.
مات ليس لأن قنبلة سقطت على سريره، ولا لأن رصاصة أصابت صدره، بل لأن جسده الصغير لم يجد ما يغذيه نتيجة الحصار الإسرائيلي المشدد على غزة.
مات جوعاً.

حين يصبح الحليب أمنية:

كانت أمه تمسكه بين ذراعيها، تحاول أن تسكن صراخه الذي لا يشبه بكاء الأطفال العادي، كان صوتاً متقطعاً، خافتاً، ثم خمد نهائياً.
لم يكن في بيت يحيى علبة حليب، ولا دواء، ولا طبيب.
لم تكن هناك كهرباء لتشغيل الحاضنة، ولا ماء نظيف لتحضير رضاعة، ولا طعام مناسب لأم فقدت قدرتها على الإرضاع بسبب الحصار الإسرائيلي الذي أفشى سوء التغذية بين الكبار والصغار.

في غزة اليوم، لا يموت الأطفال في غارات فقط.. بل يموتون في أحضان أمهاتهم، بصمت قاتل، وتحت حصار يزداد قسوة كل ساعة.

جريمة بلا صفارات إنذار

يحيى لم تسبقه صفارات الإنذار، ولم يدرج اسمه على لائحة الأهداف العسكرية.
لم يقاتل، لم يهتف، لم يعرف شيئاً عن السياسة والاحتلال، لم يشهد حرباً..

فقط ولد في المكان المحروق، وفي الزمن الخطأ، تحت سماء لاتهداء من أزيز الطائرات الحربية الإسرائيلية، وفي عالم قرر أن يتخلى عن مبادئه.
في موت يحيى، سقطت الأقنعة، وسحقت المبادئ.
أين القانون الدولي؟ أين اتفاقيات حقوق الطفل؟
أين “الضمير العالمي” الذي ملأ المنصات بخطب إنسانية جوفاء؟

غزة تكشف زمن الانحطاط

مأساة غزة اليوم لا تختصر في حجم الدمار، ولا في عدد الشهداء، بل في تفكك الإنسان من داخله.
كل يوم، يموت يحيى جديد، بصور مختلفة: بالجوع، بالعطش، بالبرد، بالذعر، أو بالحيرة أمام جنازة والده.
يبدو أن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة قد دفنا في غزة، وكتب على قبريهما:
“ماتت العدالة حين مات يحيى”.
العالم المنافق:
العالم الذي يرفع رايات الإنسانية وحقوق الإنسان، هو نفسه الذي يمول القصف الإسرائيلي، أو يبرره، أو يتغاضى عنه.
يقولون: “نأسف لسقوط الضحايا”..
لكن فادي لا يحتاج الأسف، بل كان يحتاج قطرة حليب.
هل من تفسير لسكوت العالم أمام جريمة مثل هذه؟
هل من معنى لحقوق الإنسان إذا لم تمنع موت رضيع جائع؟
وهل من عقاب لقاتل يقتل بالسلاح، والحصار والتجويع؟ أمام مرأى ومسمع من كل الشعوب.
يحيى النجار.. اسم صغير في جسد هزيل، لكنه كشف عورة العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى