الغرفة المحصنة في اليمن: مركز قيادة إماراتي سري يدير الحروب في السودان والمنطقة

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|
كشف الصحفي الجنوبي أنيس منصور خلال الساعات الماضية عن معلومات حصرية حول واحدة من أكثر القواعد الإماراتية غموضاً وسرية في المنطقة، تقع في قلب الصحراء اليمنية بمنطقة وعرة تعرف باسم “مرة” بمحافظة شبوة.
يطلق عليها ببساطة “الموقع سي”، لكنها وفق تقارير ميدانية وشهادات استخباراتية، تمثل العقل الخفي للعمليات العسكرية والاستخباراتية لأبوظبي، ليس في اليمن فحسب، بل أيضاً في السودان والقرن الإفريقي.
وفق منصور، هذه القاعدة لا تظهر على الخرائط الرسمية، ولا يعرف اليمنيون تفاصيل ما يجري داخلها.
وتحولت منذ سيطرة الإمارات عليها عام 2022 إلى منشأة محصنة تحت الأرض، مجهزة بأنفاق وغرف عمليات واتصالات عبر الأقمار الصناعية، تعمل بشكل مستقل ووفق أوامر تصدر مباشرة من أبوظبي، دون إشراف السلطات اليمنية الرسمية المعترف بها دولياً.
خلال العامين الأخيرين، أظهرت صور الأقمار الصناعية توسع الموقع ثلاث مرات تقريباً، وضمه لمدرجات طيران ترابية، ومخازن أسلحة، ومرافق تحت الأرض يعتقد أنها تحتوي على أجهزة تنصت واتصال متقدمة، إضافة إلى مهبطين جويين ومساحات تجمع للمركبات والمعدات، ما يجعل منه مركز قيادة إقليمي تتحرك منه الإمارات كقوة مستقلة.
“قاعدة لا تشبه أي قاعدة عسكرية تقليدية”
الصور تكشف توزيعاً متعمداً للمرافق: حظائر ومستودعات متفرقة لتقليل أثر أي ضربة مركزة، حواجز ترابية وبانكرات تحمي نقاطاً حساسة، بالإضافة إلى فتحات على التلال تشير إلى وجود منشآت تحت الأرض مع نشاط مستمر.
وفق المصادر، كل ذلك يجعل من الموقع مركز قيادة إقليمي يسير عمليات إماراتية مستقلة تتجاوز تحالفها مع السعودية.
كما تظهر اللقطات وجود مهبطين خلال الأراضي المحيطة، أحدهما طويل لاستيعاب طائرات خفيفة أو هليكوبتر أو طائرات مسيرة كبيرة نسبياً، والآخر أقصر للطائرات الخفيفة أو كممر تحريك لمعدات دعم الطيران، بالقرب من هذه المهبطات توجد مساحات مسطحة ومناطق تجمع سطحي، ما يوحي باستخدام الموقع كنقطة انطلاق واستلام جوية.
“منصة لوجستية لتهريب الأسلحة إلى السودان”
وفق مصادر استخباراتية يمنية وغربية، تحول “الموقع سي” إلى منصة لوجستية تديرها الإمارات لتوريد أسلحة ضخمة إلى مليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في السودان.
وتشير تقارير إلى وصول أسلحة متطورة، بينها قنابل موجهة ومدافع هاوتزر، عبر سواحل شبوة ثم إلى إريتريا وصولًا إلى دارفور.
وتستخدم الشبكة آليات متعددة لإخفاء المصدر النهائي للأسلحة، من خلال شركات واجهة، وسجلات تجارية وسيطة، ومسارات عبور عبر دول ثالثة، ما يمكن الإمارات من إدارة الحرب من وراء ستار، مع إنكار أي دور لها على المستوى الدولي.
“عمليات معقدة وغسيل لوجستي”
تبدأ العمليات بشراء مكونات عسكرية عبر أسواق رسمية وغير رسمية في اليمن، ثم تمرر عبر الوسطاء المحليين والموانئ الصغيرة، قبل إعادة توجيهها إلى السودان.
الوسطاء المحليون، الذين يعرفون الطرق الترابية والعلاقات القبلية والميدانية، يسهلون النقل وإخفاء الحمولة أو إعادة توجيهها إلى الجهات النهائية، ما يخلق طبقات حماية إضافية ويصعب تتبع المصدر الأصلي.
تعدل وثائق الشحن والتصدير بطريقة منهجية، مع عقود شركات واجهة وتصاريح إعادة تصدير مؤقتة، ما يخفي طبيعة الحمولة ويمنح الإمارات قدرة على المناورة في المحافل الدولية بينما تدير حروباً مستمرة في المنطقة.
“شبكة قواعد متكاملة”
“الموقع سي” ليس القاعدة الوحيدة، فهناك قاعدة أخرى تعرف باسم “البوابة الحمراء” في مطار الريان بالمكلا، تعمل كمركز استخباراتي ينسق مباشرة مع الموقع سي.
من خلال هذا الثنائي، تبسط الإمارات نفوذها العسكري من بحر العرب إلى تخوم إفريقيا، وتسيطر على خيوط أمنية تمتد إلى البحر الأحمر وخليج عدن.
على الأرض، أصبح للفصائل والمكونات المحلية الموالية للإمارات نفوذ أكبر من مؤسسات الدولة، ويمنع الجنود اليمنيون من الاقتراب من القواعد الإماراتية، في حين ترتفع أعلام انفصالية في عدن وسقطرى وشبوة تحت الحماية الإماراتية.
“الأثر الإنساني”
في السودان، أدت الأسلحة التي خرجت من “الموقع سي” إلى سقوط قتلى وتشريد آلاف المدنيين، فيما تدار الحروب من الخارج بالمال والسلاح، تاركة الشعوب تدفع الثمن من دمها وجوعها.
يظهر التقرير كيف تتحرك الإمارات في الظل، من اليمن إلى السودان والقرن الإفريقي، عبر قواعد سرية وأنفاق تحت الأرض، لتغذي النزاعات وتوسع نفوذها، بينما تحافظ على صورة دولية داعية للسلام.
حتى مع سريتها، الأقمار الصناعية والرصد المستمر تكشف تدريجياً الدور الإماراتي في هذه الحروب الإقليمية، تاركة علامات استفهام كبيرة حول طبيعة تدخلها في الصراعات المحلية والإقليمية.



