حليف المجلس الرئاسي يُحكم قبضته على آخر جزر اليمن الاستراتيجية

اليمن الجديد نيوز | تقارير | خاص |
تعكس الإمارات توجهاً واضحاً نحو ترسيخ الوجود العسكري الإماراتي في الجزر اليمنية الاستراتيجية، حيث بدأت الإمارات العربية المتحدة مؤخراً بناء طريق سريع بطول 0.7 كيلومتر وشبكة طرق معبدة في جزيرة سمحة، إحدى الجزر الصغيرة التابعة لأرخبيل سقطرى في خليج عدن، والذي يقع ضمن السيادة اليمنية المعترف بها دولياً.
وتعد هذه الخطوة جزءاً من مشروع عسكري متكامل يتجاوز حدود البنية التحتية، ويستهدف بوضوح تثبيت قواعد جوية دائمة في نقاط استراتيجية داخل الأراضي اليمنية.
وبهذا، تنضم قاعدة سمحة الجديدة إلى ثلاث منشآت عسكرية جوية أخرى أقامتها الإمارات في مناطق يمنية مختلفة خلال السنوات الماضية، تحت غطاء (مساعدات إنسانية) أو (تنمية بنية تحتية).
عسكرة الجزر والممرات الحيوية
جزيرة سمحة، رغم مساحتها المحدودة، تحتل موقعاً بالغ الأهمية في ممر الملاحة الدولي بين خليج عدن والبحر العربي.
وبحسب متابعين، فإن تحويل الجزيرة إلى نقطة ارتكاز عسكرية يعد جزءاً من استراتيجية أوسع للسيطرة على الجزر والمضائق البحرية، خاصة مع اتساع دائرة التمدد الإماراتي لتشمل قاعدة بوصاصو العسكرية في إقليم بونتلاند بالصومال، والتي باتت تشكل محوراً عملياتياً لأنشطة واسعة النطاق.
تقارير استخباراتية وإعلامية متعددة تشير إلى أن قاعدة بوصاصو أصبحت مركزاً لوجستياً لدعم تحركات عسكرية وسياسية متعددة الأطراف، منها تقديم الدعم لأطراف متنازعة في السودان، وتمويل وتسليح قوات الجنرال خليفة حفتر في ليبيا، وتقديم دعم لوجستي مباشر للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، فضلاً عن دعم إدارة صوماليلاند ذات الوضع غير المعترف به دولياً.
مسارات خارج القانون الدولي
التحركات الإماراتية تطرح جملة من التساؤلات بشأن الشرعية القانونية لهذه القواعد والمنشآت العسكرية، خاصة في ظل غياب أي تفويض يمني رسمي أو من الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن الوجود الإماراتي في سقطرى وسمحة لا يستند إلى أي أساس قانوني واضح، بل يمثل احتلالاً فعلياً لجزر يمنية، يدار عبر أدوات محلية وتسهيلات عسكرية خارج إطار الدولة.
كما تعد هذه الأنشطة مخالفة لمبادئ السيادة الوطنية التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك لمواد القانون الدولي التي تحظر إقامة منشآت عسكرية في أراضٍ محتلة دون موافقة الدولة صاحبة السيادة.
مخاوف متصاعدة من عسكرة البحر الأحمر
مع استمرار بناء القواعد وتمديد النفوذ العسكري، تتصاعد المخاوف من تحويل البحر الأحمر وخليج عدن إلى منطقة عسكرية مغلقة تخضع لسيطرة إقليمية متعددة، ما قد يؤدي إلى تزايد التوترات وتهديد الملاحة الدولية في واحد من أكثر الممرات البحرية حيوية في العالم.
وفي هذا السياق، يحذر خبراء استراتيجيون من أن الصمت الدولي إزاء هذه التحركات يشكل سابقة خطيرة، تشجع على ممارسات مشابهة في مناطق أخرى حول العالم، وتضعف منظومة القانون الدولي التي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
يمثّل المشروع الإماراتي في جزيرة سمحة حلقة جديدة في مسلسل عسكرة الجزر اليمنية وتطويعها لأجندات إقليمية تتجاوز الأطر الوطنية.
وفي ظل غياب رقابة أممية فعالة وموقف دولي واضح، تبقى الجزر اليمنية رهينة مشاريع عسكرية خارجية، فيما تسلب من اليمن أرضه، ومن شعبه قراره، ومن البحر أمنه.