وداعاً يا أرض الضفة الغربية

اليمن الجديد نيوز | مقالات| د. فايز أبو شمالة
الضفة الغربية المحتلة من العدو الإسرائيلي منذ سنة 1967 لم تضع مع تصويت الكنيست الإسرائيلي، بعد ظهر الأربعاء على مشروع قرار يدعو لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية وغور الأردن.
الضفة الغربية ضاعت، وصارت إسرائيلية منذ سكت العرب على احتلالها 48 سنة من الاستيطان والتوطين وتغيير ملامح الأرض، ومن خلال فرض السيادة الإسرائيلية عملياً على الضفة الغربية، بما في ذلك اقتطاع القدس عن أرض الضفة الغربية، وضمها لدولة الصهاينة سنة 1967، ومن ثم إعلان القدس عاصمة موحدة لدولة الكيان سنة 1980، وكل ذلك بصمت وخنوع وإذلال عربي.
الكنيست الإسرائيلي يتخذ قراره بفرض السيادة الإسرائيلية القانونية والمدنية والإدارية والسياسية بأغلبية 71 عضواً في الكنيست، مع امتناع حزبي يش عتيد الذي يتزعمه يائير لبيد، وحزب كحول لبان الذي يتزعمه الجنرال بني غانتس عن التصويت، وامتناع الحزبين على التصويت لا يعني أنهم ضد القرار، وإنما يفضلون التريث، واستكمال السيطرة بهدوء ونظام، ودون إثارة إعلامية.
15 عضو كنيست إسرائيلي فقط، وقفوا ضد قرار الضم، وهم الأحزاب العربية وحزب “الديمقراطيون” بزعامة يائير غولان، ليظل 105 عضو كنيست من أصل 120 عضواً، لا يعترضون على ضم الضفة الغربية.
مشروع قرار الكنيست ينص على أن “يهودا والسامرا” أي الضفة الغربية “جزء لا يتجزأ من الوطن التاريخي والثقافي والروحي للشعب اليهودي”، وأن مدناً مثل الخليل ونابلس ومستوطنات شيلو وبيت إيل تعبر عن “الاستمرارية التاريخية للوجود اليهودي في أرض إسرائيل”.
ذلك يؤكد أن فكرة ضم الضفة الغربية فكرة دينية، توراتية، وليست فكرة سياسية فقط، وهذا الضم الروحي والسياسي والعملي للضفة الغربية ليؤكد أن كل الحديث الكاذب والساخر عن حل الدولتين، وعن وجود سلطة فلسطينية وهمية في الضفة الغربية، ليس إلا ضحكاً على ذقون العرب، وخداع ماكر للشعب الفلسطيني.
ولو عدنا إلى التاريخ قليلاً، لاكتشفنا أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، القيادة التي تدعي أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هذه القيادة هي التي شجعت وسمحت وفتحت البوابات للمستوطنين لكي يحتلوا الضفة الغربية مديناً وإدارياً وعملياً، ولم يكتفوا باحتلالها عسكرياً، وقد مثل التنسيق والتعاون الدولي الأداة العملية التي مكنت المستوطنين من التمسك بأرض الضفة الغربية، ومكنت جيش الاحتلال من ممارسة احتلاله للضفة الغربية دون دفع الأثمان، ومكنت المخابرات الإسرائيلية من القضاء على أي تكوين فلسطيني مقاوم للاحتلال.
اليوم يمكننا أن نقول بجرأة ودموع: ضاعت الضفة الغربية، وكل حديث يغاير هذه الحقيقة هو حديث خداع وكذب، ضاعت الضفة الغربية، وأزعم أن الكنيست الإسرائيلي لم يجرؤ على ضم أرض الضفة الغربية إلا بعد الموافقة الأمريكية، فهذا القرار المر لا يتم إلا برضا أمريكا.
وأزعم أن ضم الضفة الغربية جاء رشوة أمريكية للعدو الإسرائيلي مقابل وقف إطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل أسرى، فأرض الضفة الغربية أهم بكثير للعقيدة اليهودية من أرض غزة الملعونة وفق التوراة اليهودية.
ودون مجاملة، ونقولها بمرارة وحسرة: وداعاً يا أرض الضفة الغربية، سنبكي نكبتك وفراقك كما بكينا نكبة فلسطين 1948، والأيام القادمة سوداء، وحالكة السواد على أهلنا في الضفة الغربية، ولا يتحمل مسؤولية ضياع المقدسات والأوطان إلا أولئك الذين فرضوا أنفسهم على الشعب الفلسطيني ممثلاً شرعياً ووحيداً.
كاتب فلسطيني/ غزة