مقالات

عن غزة هاشم والطحين المغمس بالدم

اليمن الجديد نيوز| مقالات| *هيام وهبي

ورأيت رجالاً يأكلهم كيس طحين .. قبل أن يتذوّقوا طعم الطحين..!!

 هل رأيتم يوماً الطحين يأكل الناس .. هذا ما يحدث تحت سماء غزّة المظلومة ..  فالسلام على غزة هاشم بن عبد مناف وعلى أهلها الذين يصطادهم الصهاينة..!!
والفخ كيس طحين ..!!
الطحين المغمّس بدماء أعِزّاء غزّة من رجال ونساء وأطفال .. هي لقمة الحياة الأخيرة التي يسعى إليها أب لينقذ بها طفله ولو دفع حياته ثمناً لها …وكسرة الخبز التي تغامر أم للوصول إليها ولو سال دمها على الطريق..لقمة..هي أمنية لطفل يتلوى من جوعٍ ولو واجه الموت للوصول اليها..!!

كيس طحين يا عرب الذل والبطر والترف ،هو المصيدة التي يصطادون بها أهل غزة.. ففي كل يومٍ مذبحة..ومع مطلع كل شمس مئات الشهداء .. يستدرجون الشعب المجوّع كي يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن تلمس أصابعه المتلهفة لكيس الطحين المغمس بدمائه .. الشركة المشبوهة الصهيوأمريكية المسؤولة عن المساعدات الغذائية تستدرج أهل غزة تحت عنوان إنساني لتسليمهم أكياس الطحين كي يتم إستهدافهم وقتلهم بكل وحشية بأسلحة الجنود الصهاينة ..إسرائيل تستخدم هذه المعونات كأداة إبادة مغرية وسريعة وفعالة…فمن لم يمت بالقصف اليومي وتحت الردم، يباد وهو يلهث خلف حفنة من طحين .. ومن فمهم ندينهم، فقد ورد في تقرير لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية ان القناصة والجنود الإسرائيليين لديهم أوامر بإطلاق النار مباشرة على الفلسطينيين من طالبي المساعدات في غــ.ــزة ..  وطويل العمر الذي لم يمت بالرصاص ووصل للقليل من الطحين..يُصدم بأن  أصابع الصهاينة قد أمتدت الى الطحين ودسّت فيه المخدرات في محاولة لتخدير وتدمير بُنية الشعب الفلسطيني وإفساد النسيج الإجتماعي للبيئة المقاومة..!!!

خطط شيطانية وجرائم  وحــ.ــشــــ.ــيــ.ــة ممنهجة.. ولا شيء غير الموت في غزٍة ..مجازر مفتوحة ، ومدينة تقاوِم حتى النفس الأخير ..وقد تآخت مع ما يقدمه لها العالم من خيارات للموت .. ومن لم يمت اليوم سيموت غداً..

 لا طفولة في غزة ولا أحلام وردية لأطفالها .. غزة مدينة لا تعرف الطفولة ..هي مدينة تصارع من أجل البقاء .. أطفالها لا يحلمون بدمية أو دفتر وأقلام تلوين ..هم يرسمون بأصابعهم النحيلة على الرمال أكبر أمنياتهم ..كسرة خبر..يا وحوش العرب..ويا دنيا مات فيها الضمير.. يا سلاطين العرب  انتم تموتون من التخمة وغزّة تموت من الجوع..!!!

وبعد الحرمان الطويل من كل مقومات الحياة ، جاءت الموافقة من إسرائيل على دخول المساعدات..ولكن هذه الموافقة ما هي إلّا خطة خبيثة لإستمرار الإبادة المقنّعة بلفتة إنسانية.. !!!

مصيدة لقتل من لم تفتك به نيران الطائرات ومن لم يمت تحت الركام ..فإسرائيل اشترطت أن لا تكون هذه المساعدات من خلال الأونروا  التابعة للأمم المتحدة.. لأن هذه الأخيرة وكما يزعم الكيان ، متعاونة مع المقاومة.. وقرروا استبدالها  بمؤسسة غامضة اسمها “منظمة غــ.ــز.ة الإنسانية” أو (GHF)، المفروض انها المسؤولة عن توزيع المساعدات.. وتبيّن فيما بعد أنها مرتبطة بشكل مباشر بأمريكا وبأطراف إسرائيلية، وموظفيها هم من الظباط السابقين في جيش الإحتلال ومن المارينز الأمريكيين.. ولأن الجوع كافر، فقد رضي أهل غزّة ..فليس لديهم ترف الرفض أو الإختيار .. ورغم كل هذه المعلومات المخيفة عن الشركة المريبة .. فقد ساروا من الفجر في صفوف ٍ طويلة من الرجال والنساء والأطفال الذين أنهكهم الجوع لتلقًي المساعدات الهزيلة التي سمح بها الكرم الصهيوني .. المهم بالنسبة لهم أن يُكسر الحصار ويُسكتون جوع بطونهم الخاوية ..الجوع المميت الذي لازمهم كل هذه الشهور الطويلة من الحصار الوحشي .. وحتى لو وقفوا وجهاً لوجه أمام الموت..!!

إستسلموا لقدرهم فهم موتى ،من جوعٍ أم من رصاص لا فرق ..وافقوا على هذه المساعدات التي توزعها الشركة الغامضة في أماكن معينة، وتحت رقابة الجيش الإسرائيلي .. غامروا بحياتهم رغم الرصاص المتوٍقع في أي لحظة ..وكلما أقتربوا من نقاط توزيع المساعدات ينهمر الرصاص عليهم كالمطر  وتتم تصفيتهم بمنتهى الوحشية بنيران قناصة الصهاينة .. ليختلط الطحين بدماء الشعب المجوُع..!!

 إجرام فاق الخيال ..!!

ما يحدث في القطاع وصمة عار على جبين الإنسانية وصفحة سوداء في تاريخ البشرية.. ويا عار العرب .. أوتعرفون الله..؟؟؟

يا من تقولون لبيك اللهم لبيك .. !!

 وللموت في غزّة وجوه كثيرة .. كل فرد وله الميتة المناسبة .. جوعاً أوتحت الأنقاض .. بالقصف أو على طريق الرغيف الدامي ..!!

ومن حالفه الحظ ونجا من رصاص القناصة واستلم حفنة من طحين،فوجئ بأن يد الصهاينة إمتدت إليه ومزجته بالمخدرات..!!

نعم يا سادة الطحين (مسموم) وقد دسوا فيه اخطر أنواع الحبوب المخدرة للحواس..!!!

خداع ومكر وفكر شيطاني ..تفنٌن في القتل والإبادة لهذا الشعب المظلوم ..!!

والحكاية أن الحكومة الفلسطينية في القطاع إكتشفت ما هو خارج التوقعات …!!! طحين الرحمة الذي سيبعد الموت جوعاً عن الغزاويين قد مُزِج بمخدّر  “الأوكسيكودون”..!!

 وهو عبارة عن مسكن آلام قوي الفعالية ،من عائلة المواد الأفيونية (Opiates)، ويستعمل لتسكين الآلام الحادّة الناتجة عن الجراحة أو ألم الأمراض الخطيرة مثل السرطان .. وهو دواء يتسبب بالإدمان  واستخدامه يكون بكمية محدودة جدًا، وبإشراف طبي دقيق لأن تأثيره قوي للغاية ومركّز ،ويعطي شعور بالمتعة والنشوة التي تؤدي بمستخدمه للإدمان عليه بمنتهى السهولة..  إبتكار صهيوني لقتلٍ من نوع جديد ،ودون إراقة نقطة دم واحدة .. قتل للروح المقاوِمة وتدمير للمجتمع الغزاوي وتحويله إلى مقبرة كبيرة حيٍة..  ليصبح عبارة عن جماعاتٍ ضعيفة ومنهارة وفاقدة للوعي والإرادة، بحيث يجد الصهيوني فرصته لتجنيد شباب غزة كعملاء لديه .. هم يريدون إغراق غزّة بالمخدرات والإدمان والآفات الإجتماعية لينحرف شبابها عن قضيتهم وإيمانهم ويتنازلون عن حقهم بأرض أجدادهم .. خطة “إبــ.ــادة (مبتكرة) هدفها تدمير البنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني من الداخل” وتمزيق نسيجه المتماسك..  مايحدث في غزّة مخيف ..!!

  محاولة إسرائيلية “لتخدير” الشعب الفلسطيني  وتغييبه عن الوعي وقتل روح الجهاد لديه والقدرة على  الصمود ..!!

 جريمة بشعة ، وإنتهاك لكل القوانين الدولية والإنسانية ولكل الأعراف والأديان .. خطة مدروسة  لذبح  المجتمع المتعب المجوّع المنهك من الظروف القاسية التي يعيشها تحت ضغط الحصار والنار والقتل والدمار … وحتى منظمة “الأونروا” (UNRWA) التابعة للأمم المتحدة التي كانت سابقاً مسؤولة عن توزيع المساعدات رفضت التعاون مع المؤسسة الإسرائيلية الأميركية هذه ، وقالت في تصريحات رسمية ان هذه المراكز هي “أفخاخ مميتة Death Traps”… وللأسف لم تلقَ أي أهتمام أو تجاوب مع تصريحاتها لمنع هذه الخطة الأبليسية ..!!

 وما زالت المؤامرة مستمرة .. وحرب الإبادة لم تتوقف، وطوابير الشعب المجوّع تنتظر قدرها تحت زخّات الرصاص ..!!

 تنتظر المساعدات المسمومة .. ولا فرق بين صباحٍ وآخر.. كلها صباحات دامية ومتوجّة بالمزيد من الشهداء .. هذه عينة من المآسي التي تعيشها غزة .. مدينة الكرامة والعزة والشرف..غزة التي أتعبت اللغة لوصف شجاعتها .. غزة المجازر .. غزة الإبادة ..غزة المقاومة.. حيث التحدي قائم. والصراع مستمر بين الحياة والموت .. والجمال والقبح .. بين البقاء والفناء ..بين الحق والباطل .. هي الحرب بين غزة والموت .. غزة التي ومنذ أكثر من عام ونصف تتحدى أعتى آلة حربية.. هذه المدينة النبيلة بحزنها وصمودها وألمها .. غزةالتي أعجزت قادة الكيان الصهيوني وجعلت سيء الذكر إسحاق رابين يتمنى أن يستيقظ في الصباح فيجد غزّة وقد إبتلعها البحر ..هي التي قدّمت كل ما لديها من أجل كرامة العرب.. غزّة الشجاعة التي لم تخَف يوماً.. ولم تحنِ هامتها أمام غدر أخوتها وخذلان الدنيا لها .. فإلى متى سيستمر هذا الظلم ..إلى متى ستستمر هذه الإبادة .. وهذا القتل الهمجي .. إلى متى هذا التخلّي عن غزّة التي تكتب تاريخها بدماء أبنائها ولا تخضع، فقتل الزهور لن يمنع قدوم الربيع .. إلى متى سيظل الوحش الأمريكي المتصهين  يفرض على العالم قِيَمِهِ المادية المفترسة، لا مكان للسماء في عقيدته ولا إعتراف بالضمير ..إلى متى سيبقى هذا العالم بلا قلب ..إلى متى سيبقى العرب نيام .. آلاف الشهداء .. والعرب في غيبوبة .. والهيئات الدولية متآمرة.. فأين منظمات حقوق الإنسان.. وأين الضمير العالمي وأين أنتم يا عربان الذل .. أين النخوة وأين صلة الرحم وأين الشهامة العربية وما أوصاكم به الله ورسوله.. غزة تحتضر أمام أعينكم وأرضها لم تعد تتسع لدفن موتاها..لن يغفر الله لكم ..غزة الحزينة تحتضر أمام أعينكم وأهلها يموتون مع كل صباح ومساء.. بل ماتوا .. لا.. لن أقول ماتوا.. ولن أقول استشهدوا .. بل تعافوا من خذلانكم وخذلان الدنيا كلها لهم..

*كاتبة لبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى