اخبارالاخبار الرئيسيةتقارير وتحليلات

روسيا ستكون أول دولة تفتح سفارتها رسمياً في صنعاء

اليمن الجديد نيوز | تقارير | خاص |

كشفت تسريبات متداولة من كواليس اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، ملامح موقف روسي جديد يتسم بقدر كبير من الحذر والحياد إزاء الوضع في اليمن، ما يعكس إدراكاً متزايداً من قبل موسكو لتعقيدات المشهد اليمني وتوازناته المتغيرة.

بوتين يتمسك بالحياد: لا انحياز ولا استثناء

وخلافاً لتوقعات العليمي، الذي سعى خلال اللقاء إلى حث موسكو على دعم ما وصفه بـ”جهود استعادة الجمهورية” و”عودة الشرعية”، جاء الموقف الروسي حاسماً ومباشراً، حيث أكد بوتين أن روسيا لا تنحاز لأي طرف يمني، وأن سياستها الخارجية تجاه اليمن قائمة على الحياد الكامل، مستندة إلى علاقات تاريخية عميقة، وانطلاقاً من قناعة بضرورة الوصول إلى تسوية سياسية شاملة يشارك فيها جميع الأطراف اليمنية.

الرسالة الروسية، التي تكررت بأكثر من صيغة خلال اللقاء، تعكس رفضاً ضمنياً لأي اصطفاف مع طرف معين، وهو ما قد يشير إلى رغبة الكرملين في النأي بنفسه عن الاستقطابات الحادة التي تطبع المشهد اليمني، وخصوصاً تلك المرتبطة بالتحالفات الإقليمية والدولية.

خطوة رمزية ذات أبعاد استراتيجية: إعادة فتح السفارة في صنعاء

في تطور لافت، أعلن بوتين – وفقاً للتسريبات – عن نية موسكو إعادة فتح سفارتها في العاصمة صنعاء، وهي الخطوة التي تعد مؤشراً عملياً على تحول ملموس في تعاطي روسيا مع الواقع السياسي والإداري في اليمن.

إذ يشير هذا القرار، ولو ضمنياً، إلى إقرار روسي بضرورة التعامل مع “حكومة صنعاء” كسلطة تمتلك حضوراً فعلياً في مناطق واسعة من البلاد.

ولا يمكن فصل هذه الخطوة عن سياق أوسع يشمل إعادة تقييم للفاعلين اليمنيين على الأرض، في ظل تنامي قناعة إقليمية ودولية بأن المسار السياسي لن يحقق اختراقاً حقيقياً دون إشراك الأطراف المسيطرة فعلياً، سواء على المستوى الأمني أو الإداري.

مناورات دبلوماسية وموازين جديدة في البحر الأحمر

القرار الروسي لا يقرأ فقط من زاوية العلاقات الثنائية مع اليمن، بل أيضاً في سياق أوسع يرتبط بإعادة رسم النفوذ في منطقة البحر الأحمر والممرات الدولية.

فمع تزايد الأهمية الاستراتيجية لهذا الممر، وسعي قوى إقليمية ودولية لتعزيز مواقعها فيه، يبدو أن موسكو اختارت تموضعاً متوازناً يضمن لها القرب من كافة الفاعلين دون الانجرار إلى صراعات ثنائية.

كما أن موسكو تدرك أن “حكومة صنعاء” باتت تملك أوراق ضغط إقليمية، سواء من خلال حضورها العسكري أو عبر مواقفها السياسية، لا سيما في ملفات إقليمية حساسة مثل الحرب في غزة، ودورها في دفع الولايات المتحدة إلى سحب حاملات طائراتها من البحر الأحمر، وهو ما يفسر جزئياً تنامي حضورها في حسابات عدد من العواصم الإقليمية والدولية.

خلاصات أولية

الحياد الروسي يمثل رسالة إلى كافة الأطراف اليمنية والإقليمية بأن موسكو لن تنخرط في صراعات استنزافية، بل ستسعى إلى لعب دور الوسيط الضامن لتسوية متوازنة.

فتح السفارة في صنعاء خطوة دبلوماسية ذات دلالات اعترافية، تعيد ترتيب أولويات السياسة الروسية تجاه الملف اليمني وفق معايير الواقعية السياسية.

التوقيت يشير إلى قراءة روسية متأنية للتحولات الجارية، سواء في اليمن أو في الإقليم الأوسع، لاسيما مع بروز قوى محلية تتمتع باستقلالية سياسية وتتبنى خطاباً معادياً للهيمنة الغربية.

في ضوء ما سبق، يبدو أن موسكو تتجه نحو مقاربة جديدة في التعامل مع الملف اليمني، قائمة على مبادئ الواقعية السياسية والانخراط المتوازن مع جميع الأطراف، في ظل إدراك متزايد بأن الاستقرار في اليمن لن يتحقق إلا من خلال تسوية سياسية من دون انحياز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى