مجزرة الماء.. حين يتحول البحث عن الحياة إلى موت

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|
وقف عدد من الأطفال لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة في طابور صغير بمنطقة المواصي في قطاع غزة، تلك المنطقة التي تصر إسرائيل على تسميتها “إنسانية” و”آمنة”، حاملين أوعيتهم الفارغة على أمل أن يظفروا ببعض الماء للشرب.
كانوا يتبادلون الهمسات الخافتة عمن سيظفر أولاً بشربة ماء، ينتظرون دورهم كما ينتظر أي طفل في العالم قطعة حلوى أو لعبة.
فجأة، أنهى الجنود الإسرائيليون الانتظار بصوت الرصاص والانفجار، ليسقط خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين الرابعة والعاشرة، لا ذنب لهم سوى العطش.
لم تمنحهم قوات الاحتلال الإسرائيلي فرصة إكمال لحظة الحياة القصيرة، فاستهدفتهم بشكل مباشر، لتتحول براءة الطابور إلى جثث ممزقة ودماء متناثرة.
في لحظات معدودة، غرقت أوعيتهم التي كانوا يحملونها بالدماء بدلًا من الماء، وساد صمت ثقيل لم يقطعه سوى صرخات الناجين الباحثين عن أشلاء أحبائهم.
هذه المجزرة ليست مشهداً استثنائياً، بل امتداداً لسلسلة يومية من الجرائم التي ترتكب أمام مرأى ومسمع العالم، حصار خانق يحرم المدنيين من الغذاء والدواء، قصف يستهدف البيوت والمستشفيات، وتجويع ممنهج يضرب أبسط مقومات البقاء.
إنها سياسة متكررة لتجريد الفلسطيني من حقه في الحياة الكريمة، في تحدي صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية.
كل يوم يبتكر الاحتلال صورة جديدة من صور الوحشية، مرة في استهداف مدرسة، وأخرى في قصف مخيم للنازحين، وتارة عند طابور ماء.
مشاهد مختلفة، لكن المضمون واحد، إمعان في القتل بلا حساب، وإصرار على سحق أي معنى للإنسانية.
إنها ليست فقط مأساة أطفال المواصي في غزة، بل مأساة الضمير العالمي الذي يقف متفرجاً، عاجزاً أو متواطئاً، بينما تنتهك مبادئ القانون الدولي الإنساني على مرأى من الجميع كل يوم.