القصف على قلب صنعاء: حين تتحول التحليلات الرياضية إلى مأساة

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|
أسدل الستار وتوشحت صنعاء الرداء الأسود اليوم الثلاثاء، بعد أن شيعت 32 صحفياً دفعة واحدة.
فقد استيقظت العاصمة اليمنية، ويصاحبها وجع سيظل محفوراً في الذاكرة.
كيف لا، وفي الأربعاء الماضي شهدت بشاعة إسرائيلية جديدة، حين شنت الطائرات غارات على قلب صنعاء، مستهدفة مبنى صحيفة 26 ومبنى صحيفة اليمن، وسط حي التحرير السكني المكتظ بالسكان والمتسوقين، لتسقط عشرات القتلى والجرحى في لحظة واحدة.
المجزرة لم تقتصر على مباني الصحافة، بل امتدت لتشمل منازل مجاورة، طامسة حياة أسر كاملة.
بعض الصحفيين كانوا ينتظرون نهاية مباراة اليمن والسعودية ليكتبوا تحليلاتهم الرياضية، لتدخل البهجة في قلوب الجماهير، فإذا بالقصف يحول فرحة العمل الصحفي إلى مأساة مدوية.
آخرون كانوا ينجزون تقارير عن الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، بينما وجدوا أنفسهم ضحايا لنفس العدوان الذي كانوا يوثقونه.
الروايات الإنسانية من قلب المأساة تفضح صمت العالم، صحفي كان يتحاور مع زميله لتنسيق المادة التالية، وآخر يتحدث مع زوجته عن احتياجات منزلية، وثالث يفكر في بناته الثلاث اللواتي كن ينتظرنه.
جميعهم رحلوا تحت أنقاض مباني الصحافة، تاركين فراغاً كبيراً وصدمة مستمرة في المدينة.
الحي الذي كان يشهد حياة يومية عادية تحول اليوم إلى مقبرة مفتوحة في قلب التحرير، شاهدة على جريمة عابرة لكل القوانين والأعراف الدولية، بينما يواصل الضمير العالمي صمته القاتل.
المأساة لم تتوقف عند حجم الخسائر، بل تضاعفت بغياب الموقف الدولي، فالعالم الذي يرفع شعارات حرية الصحافة وحقوق الإنسان انكشف زيفه مجدداً.
لو كان هؤلاء الصحفيون يحملون جنسيات غربية أو خليجية، لامتلأت المنابر ببيانات الإدانة والشجب، لكن دماء اليمنيين قوبلت بالصمت، وكأنها أرواح أقل قيمة في موازين “الإنسانية الانتقائية”.
دماء 32 صحفياً وعشرات المواطنين الذين سقطوا في غارات إسرائيلية استهدفت مقرين صحفيين يزيد عمرهما عن ستة عقود تتوسل اليوم العالم للتحرك وإدانة الجريمة ومحاسبة المسؤولين.
فهذه الدماء ليست أرقاماً، بل رسائل مفتوحة إلى الضمير العالمي الغائب، عله يوماً يستيقظ قبل أن تبتلع المجازر المتكررة كل معنى للإنسانية.
وتصرخ في وجه المجتمع الدولي كفى صمتاً عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تغذيه أمريكا، ولولاها لما استباح كل المحرمات الدولية.