داخل أعماق الجبال.. أسرار أكبر قاعدة إماراتية في اليمن

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|
تواصل الإمارات مدّ نفوذها العسكري في اليمن، حيث تكشف المعطيات عن إنشاء موقع عملياتي خاص داخل معسكر «مرة» شمال غرب عتق بمحافظة شبوة، أُطلق عليه اسم «الموقع سي».
ويعد هذا الموقع واحداً من أخطر المراكز الاستخباراتية الإماراتية في الشرق الأوسط، لارتباطه المباشر بجهاز أمن الدولة في أبوظبي والمخابرات الإماراتية.
الموقع، المحاط بتضاريس جبلية وأسوار منيعة، جرى تصميمه على مستويين: الأول فوق الأرض يضم مركز عمليات وغرفة اتصالات عبر الأقمار الصناعية وصالة كبيرة، فيما يمتد المستوى الآخر تحت الأرض عبر ممرات ومداخل محصّنة تؤدي إلى منشآت حيوية سرية. الدخول إلى هذا الموقع يخضع لقيود صارمة، حيث يمنع اليمنيون من الاقتراب منه، فيما لا يسمح للضباط والجنود الإماراتيين أنفسهم بالدخول إلا بتصاريح خاصة صادرة من أبوظبي.
وبحسب ما أورده المحلل العسكري علي النسي، يتجاوز دور «الموقع سي» حدود اليمن ليصل إلى عمليات تهريب السلاح في المنطقة، وعلى رأسها السودان.
فبعد انكشاف الدعم الإماراتي المباشر لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لجأت أبوظبي إلى أساليب أكثر سرية، عبر شراء الأسلحة من الأسواق اليمنية باستخدام وسطاء محليين، ثم نقلها إلى ساحل شبوة عبر طرق تهريب، ومنها بحراً إلى إريتريا، قبل أن تعبر إلى جنوب السودان وتصل إلى مدينة نيالا الخاضعة لسيطرة قوات حميدتي.
بهذه الآلية، يصبح من الصعب تتبّع مصدر السلاح أو ربطه مباشرة بالإمارات.
ولا يقتصر نشاط «الموقع سي» على السودان، إذ يُقال إنه يدير أيضاً عمليات ميدانية داخل اليمن، من بينها ما يعرف بكتيبة «الراكه» في شبوة وحضرموت والمهرة، فضلاً عن ارتباطه بموقع آخر في مطار الريان بحضرموت يطلق عليه «البوابة الحمراء».
أما معسكر «مرة» نفسه فقد تحول، منذ استيلاء الإمارات عليه في أواخر 2021، إلى أكبر قاعدة عسكرية إماراتية في اليمن.
فقد شهد على مدى السنوات الماضية أعمال توسعة متدرجة شملت بناء مركز قيادة محصن، إنشاء معسكرات للقوات الإماراتية والمجلس الانتقالي الجنوبي، تجهيز مهبط للمروحيات، وحفر عشرات المخابئ والأنفاق تحت الأرض.
ومع تزايد التوترات في خريف 2023، أضيفت مدارج ترابية للطائرات بطول 1800 متر، إلى جانب أنظمة دفاع جوي متطورة.
اليوم، تظهر صور الأقمار الاصطناعية استمرار عمليات الحفر والتطوير داخل القاعدة، بما في ذلك بناء هياكل يرجح أنها مخابئ جديدة، وحفر طرق لربط أجزاء القاعدة ببعضها.
وتشير هذه التطورات إلى أن معسكر «مرة» لم يعد مجرد موقع محلي، بل قاعدة استراتيجية إقليمية تحمل أبعادًا أكبر في سياق التنافس والصراع بالمنطقة.
ويخشى بعض المراقبين أن تتحول هذه التحصينات الإماراتية في شبوة إلى بوابة لحضور أطراف خارجية أكثر حساسية، وعلى رأسها الكيان الإسرائيلي، لاسيما مع تصاعد المواجهة المفتوحة بين تل أبيب وصنعاء في البحر الأحمر والممرات الاستراتيجية.
ويرى هؤلاء أن السماح لإسرائيل بالوجود داخل «الموقع سي» أو أي من منشآت معسكر «مرة» لن يكون مجرد تطور محلي، بل خطوة خطيرة قد تغيّر موازين الصراع في اليمن والمنطقة بأسرها، وتضيف بعداً إقليمياً جديداً للأزمة اليمنية.