صنعاء تنزف: انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|
تمضي إسرائيل في تحويل أيام اليمنيين إلى محطات ألم وذكرى دامية.
فمن “أربعاء دامي” إلى “إثنين أسود”، وصولاً إلى “الخميس المؤلم”، اليوم الذي كان له وقع مختلف في حياة اليمنيين.
الخميس بالنسبة للكثير من اليمنيين كان يوماً ينتظرونه بشغف، يوم فرح تقام فيه الأعراس، ويختاره الصائمون لنيل أجر مضاعف، ويعد نهاية أسبوع تنبض فيه صنعاء بالحياة قبل الإجازة.
لكن خميس ال 25 سبتمبر 2025، لم يكن عادياً وتحول إلى صفحة جديدة من الحزن، يوم قرر الكيان الإسرائيلي أن يحفره في ذاكرة اليمنيين بدماء وأشلاء.
طائرات الموت فوق سماء صنعاء
عشرون طائرة حربية إسرائيلية حلقت في سماء العاصمة اليمنية، وأفرغت 40 طناً من الصواريخ والقنابل على أحياء سكنية ومنشآت مدنية وسط المدينة، لم يكن هناك أي إنذار، ولم يكن أمام الناس وقت للنجاة.
في دقائق معدودة، تحولت الشوارع إلى ساحات فوضى، والمنازل إلى ركام، خلف القصف 216 إنساناً بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال.
“الرسالة كانت واضحة” هذا ثمن تضامن اليمنيين مع غزة، ثمن إنسانيتهم التي رفضت أن تصمت على أطفال جائعين ونساء مشردات تحت أنقاض المخيمات.
قصص الألم بين الأزقة
المأساة حملت وجوهاً وملامح مختلفة، لكن الألم واحد، لقد كان هناك طفل صغير يلهو في أحد أزقة صنعاء القديمة بين جدران تحمل ذاكرة أكثر من ألف عام وعام، لم يكن يعلم أن لعبته الأخيرة ستنتهي بصاروخ أمريكي – إسرائيلي يقطع صوته إلى صمت أبدي.
وعلى بعد كيلومترات قليلة وفي حي آخر هو الحي السياسي اجتمع ثلاثة أطفال على ضحكة قصيرة لم يدركوا أنها الجلسة الأخيرة فصعد اثنان منهم شهداء بينما الثالث بقي شاهداً بجراحه التي لن تمحى.
فيما هناك بوسط صنعاء وبنفس التوقيت طالبة ودعت صديقتها عند منتصف الطريق في حي الرقاص وظنت أن اللقاء سيتجدد صباح يوم آخر ولم يخطر ببالها أن ذلك السلام العابر كان الوداع الأخير وبعد لحظات سقط جسدها تحت الركام وعلى مسافة أخرى.
في الجانب الآخر كان رب أسرة يتسوق مبتسماً وهو يحمل بيديه ما يكفي لعشاء يجمع أسرته حول مائدة متواضعة لكن القنابل الأمريكية التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية خطفت روحه قبل أن يصل إلى بيته لتتحول المشتريات إلى شاهد صامت على فاجعة وبيت بات فارغاً إلا من الدموع والوجع.
من غزة إلى صنعاء.. ومن لبنان إلى دمشق
لا يقتصر المشهد على صنعاء وحدها، من غزة التي تدفن تحت أنقاضها الطفولة، إلى جنوب لبنان الذي يتلقى القصف اليومي، وصولاً إلى أحياء دمشق العتيقة، المشهد متكرر، إسرائيل تعربد في سماء المنطقة، تحصد الأرواح بلا حساب ولا رادع.
كل هذه الجرائم ما كانت لترتكب لولا الدعم الأمريكي المفتوح.
واشنطن التي تصنع القرارات وتطهوها في أروقة البيت الأبيض، تقدم لإسرائيل الغطاء السياسي والسلاح والمال، وتمنع أي صوت دولي يقول “كفى”.
غياب الضمير العالمي
في مقابل الدماء والأشلاء، يقف المجتمع الدولي موقف العاجز أو المتواطئ، بيانات إدانة باهتة لا تردع قاتلاً ولا تعيد حقاً.
العالم الذي يخاف على مصالحه مع ترامب ومن سيأتي بعده، يضحي بالقيم والمبادئ والقوانين الدولية، ويترك الأبرياء لمصيرهم تحت القنابل.
الخميس الذي كان يوماً للفرح في وجدان اليمنيين تحول إلى كابوس، وإلى ذكرى جديدة تضاف إلى سجل الألم العربي الممتد من غزة إلى صنعاء.
وفي كل قصة طفل، أو فتاة، أو أب رحل، تكمن شهادة جديدة على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يعرف معنى للإنسانية، وأن الدم العربي ما زال الأرخص في بورصة السياسة الدولية.