تقرير إسرائيلي يكشف كيف تسبب الحظر اليمني في تفاقم أزمة ميناء “إيلات” وتعطله الكامل وسط احتدام الصراع على التعويضات
اليمن الجديد نيوز:
في ظل الأزمات المتعددة التي تعصف بميناء “إيلات”، تزداد حدة الصراع على التعويضات المطلوبة من إدارة الميناء لتغطية نفقات الموظفين، حيث أفادت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية بتوسع أزمة الميناء مع استمرار الحظر الذي تفرضه قوات حكومة صنعاء في البحر الأحمر منذ تسعة أشهر، مما أدى إلى تعطيل الميناء بالكامل.
وفي تقرير تحت عنوان “الصراع على تعويضات ميناء إيلات يحتدم”، أوضحت الصحيفة أن الميناء، الذي يعد البوابة البحرية الرئيسية لجنوب “إسرائيل”، بات مهجوراً ومشلولاً تماماً منذ ما يقرب من تسعة أشهر، وقد أسفر التهديد الحوثي المستمر، والذي بدأ بسلسلة من الهجمات المتفرقة مع اندلاع الحرب، عن توجيه ضربة قاتلة للميناء خلال شهر واحد فقط، حيث آخر سفينة تحمل سيارات دخلت الميناء كانت في 20 نوفمبر، قبل يوم واحد من اختطاف السفينة “جالاكسي ليدر”، المملوكة جزئياً لرجل الأعمال رامي أونغار، أثناء إبحارها في البحر الأحمر، ومنذ ذلك الحين، لم يتم تفريغ أي مركبة في الميناء، مما يعمق من الأزمة الحالية.
وأضاف التقرير أن عملية تفريغ المركبات في ميناء “إيلات” توقفت تماماً، مقارنة بـ 150 ألف مركبة تم تفريغها في العام الماضي، ونتيجة لذلك، يعاني الميناء من نزيف مالي شهري مستمر.
وأشار التقرير إلى أن هذه الأزمة المعقدة تؤدي إلى تصاعد النزاعات والتوترات بين إدارة الميناء، والحكومة الإسرائيلية، ونقابة العمال “الهستدروت”، فمنذ خصخصة الميناء في عام 2013، انتقلت حقوق تشغيله إلى شركة “بيبو شيبينغ” المملوكة للأخوين ناكاش، ومع استمرار شلل الميناء، الذي يعتبر أحد الأصول الاستراتيجية لـ”إسرائيل”، تثار تساؤلات جدية حول طبيعة العلاقات المالية بين الحكومة والشركات الخاصة التي تدير البنية التحتية الحيوية للدولة.
وتابع التقرير موضحاً أن ميناء “إيلات”، الذي يُعد شركة مزدهرة ومستقرة، يديره مالكون تقدر ثرواتهم الشخصية بمليارات الدولارات، ففي عام 2023، حققت الشركة أرباحاً بقيمة 50 مليون شيكل، بينما بلغت أرباحها على مدى السنوات الأربع الماضية 162 مليون شيكل، وقد تم شراء حقوق تشغيل الميناء في عام 2013 مقابل 120 مليون شيكل، وهو مبلغ يعتبر بسيطاً وفقاً لمصادر الصناعة.
وفي سياق الحديث عن العوائد الاقتصادية للميناء، أشار التقرير إلى أنه في العقد الذي تلا خصخصته، قدرت أرباحه بمئات الملايين من الشواقل، علاوة على ذلك، يمكن القول إن المخاطر الأمنية كانت جزءاً لا يتجزأ من قرار شراء الميناء، وهي تنعكس بوضوح في تكلفة الصفقة.
وفي هذا السياق، أوضح التقرير أن شركة “بيبو شيبينغ” التي تدير البنية التحتية الوطنية للحكومة الإسرائيلية قد واجهت صعوبات بسبب الظروف الأمنية التي لا تقع تحت مسؤوليتها، وليس بسبب سلوك اقتصادي غير مسؤول، وبالتالي، تتحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية خاصة لدعم الشركة في هذه الفترة الصعبة.
وتابع التقرير موضحاً أن جزءاً من اتفاقيات الأجور بين الميناء ونقابة العمال “الهستدروت” ينص على عدم إمكانية وضع العمال في إجازة غير مدفوعة الأجر، ونتيجة لذلك، يضطر الميناء للاستمرار في دفع رواتب 146 موظفاً بتكلفة تقارب 3.5 مليون شيكل شهرياً. وفي الوقت ذاته، يشير التقرير إلى أن نفقات الميناء الشهرية تصل إلى حوالي 8 ملايين شيكل.
وأبرز التقرير أن هذه النفقات المرتفعة، إلى جانب توقف الإيرادات بسبب الظروف الأمنية، أدت إلى تسجيل الميناء خسائر بقيمة 56 مليون شيكل منذ ديسمبر الماضي.
في هذا الإطار، أوضح التقرير أن الحكومة الإسرائيلية تعترف بمسؤوليتها في دعم الميناء، لكنها تعارض الطريقة التي يُقترح بها تقديم هذا الدعم، وتعتبر الحكومة أن الوسائل الفعّالة للمساعدة تشمل القروض والمدفوعات المؤجلة التي من شأنها تسهيل التدفق النقدي في الميناء.
وفي سياق الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة الإسرائيلية للميناء، أشار التقرير إلى أن الحكومة قد قدمت حتى الآن قرضاً بقيمة 16 مليون شيكل للميناء، وحالياً، يجري العمل على تقديم قرض إضافي بقيمة 14 مليون شيكل لدعم الوضع المالي للميناء.
وأضاف التقرير أنه إلى جانب هذه القروض، قامت شركة الموانئ الإسرائيلية بتأجيل دفع الإتاوات ورسوم الاستخدام التي كان من المفترض أن يدفعها الميناء، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 11 مليون شيكل. ومن المتوقع أن يستمر هذا التأجيل طالما استمرت الحرب، مما يخفف من الضغوط المالية على الميناء.
وفي إطار الدعم المقدم بموجب مخطط التعويض العام الذي أنشأته الحكومة للشركات المتضررة من الحرب، حصل الميناء على تعويض مالي قدره 5 ملايين شيكل، ويهدف هذا التعويض إلى تغطية جزء من الانخفاض في الإيرادات الذي حدث بين أكتوبر وفبراير، ومع ذلك، منذ مارس، لم تعد الشركات في “إيلات” مشمولة في هذا المخطط، مما يعني أن الميناء لم يتلق أي تعويض إضافي منذ ذلك الوقت.
وفي سياق مطالبه المالية، أشار التقرير إلى أن الرئيس التنفيذي لميناء “إيلات”، جدعون غولبار، يطالب بتعويض مالي لا يقل عن 3.5 مليون شيكل شهرياً، وهو المبلغ الكامل الذي يغطي أجور الموظفين، وفي حال عدم تلبية هذا الطلب، قد يضطر إلى تسريح عدد كبير من العمال.
وفي خطوة أخرى، أوضح التقرير أن غولبار يطالب باستخدام الحكومة لأمر الاستيراد والتصدير المؤقت، الذي يطلب من السفن القادمة من الشرق الأقصى تفريغ حمولتها في ميناء “إيلات”، ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى إحياء عمليات الميناء، لكنه قد يرفع أيضاً تكاليف الاستيراد.
وتابع التقرير موضحاً أن غولبار يطلب أيضاً مرونة في دفع أجور الموظفين.
وأشار التقرير إلى أن وزارة المالية الإسرائيلية تعارض البنود الأولين: التعويض المالي والتزام السفن بالتفريغ في الميناء، حيث ادعى ممثلو وزارة المالية في جلسات لجنة الاقتصاد أن الميناء يحاول ممارسة الضغط من خلال هذه المطالب.
وفيما يتعلق بوجهة نظر الوزارة، ترى المالية أن هناك تدابير مبسطة يمكن أن يتخذها الميناء لتقليل خسائره، وفقاً لما ورد في التقرير.
في التطورات الأخيرة، قالت الصحيفة إن “البند الرئيسي قيد المناقشة حالياً هو مسألة دفع الأجور للعمال”، وفي هذا السياق، يأتي دور “الهستدروت” (نقابة العمال)، حيث يتفاوض الميناء مع الهستدروت حول تخفيض الأجور للعمال الذين لا يُطلب منهم الحضور إلى العمل بسبب قلة النشاط، وبالإضافة إلى ذلك، يقترح الهستدروت تمويل نفقات الإقامة لحوالي 30 عاملاً سيتم نقلهم مؤقتاً من ميناء “إيلات” إلى ميناء أسدود، كما يقترح الإفراج عن الفوائض من أموال الميناء المتراكمة في صناديق التقاعد، والتي يبلغ مجموعها حوالي 6.5 مليون شيكل، والسماح باستخدامها لأغراض أخرى.
وفي سياق متصل، أوضح التقرير أن “اقتراح الهستدروت يأتي بشروط” حيث يطالب الهستدروت بأن يلتزم الميناء بالامتناع عن تسريح الموظفين لمدة أربع أشهر.
وأضاف التقرير أن “في الكواليس، هناك أيضاً مزيد من التوتر”، فعلى الرغم من أن الاتفاق القائم مع الهستدروت يمنع الميناء من وضع العمال في إجازة غير مدفوعة الأجر، فقد أعلن غولبار خلال نقاش في الكنيست أنه وضع بالفعل 30 عاملاً في إجازة غير مدفوعة الأجر، وإذا لم يتم دفع الأجور لهؤلاء العمال، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع في المفاوضات مع الهستدروت.
وأفاد التقرير أنه في نقاش أمام لجنة الاقتصاد في وقت سابق من هذا الشهر، عرض غولبار موقفه بشأن تكلفة الأجور، مشيراً إلى أن تكلفة أجور العمال لمدة أربعة أشهر تبلغ 14 مليون شيكل، وفي هذا السياق، انتقد مقترح الهستدروت بالإفراج عن 6.5 مليون شيكل فقط، قائلاً: “إذا كان هذا هو الحال، فأنا لا أريد المال. من يقوم بأعمال كهذه؟”.
وفي رد فعل على هذا الطلب، قال رئيس لجنة الاقتصاد، دافيد بيتان، موضحاً: “لقد كسبتم لفترة طويلة، ونطلب منك إعطاء العمال 4 أشهر أخرى، وفي غضون 3 أشهر سنجلس ونرى ما هو الوضع”.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أنه “في ضوء رد بيتان وأعضاء آخرين في لجنة الاقتصاد، تم حث غولبار على قبول المخطط الحالي للأشهر المقبلة”.
وأوضح التقرير أن “الميناء قد استنفد قدرته على ممارسة الضغط في الوقت الحالي، ولذلك يُعتقد أن الهستدروت والميناء سيوقعان اتفاقاً يتضمن عدم تسريح عمال الميناء خلال الأشهر الأربعة المقبلة، ومع استمرار الحرب والتهديد الحوثي حتى عام 2025، سيكون على إسرائيل أن تعيد النظر في كيفية تقديم الدعم والمساعدة للميناء”.