تقرير أمريكي يفضح فشل الحملة العسكرية ضد الحوثيين في اليمن وتكاليفها الباهظة
اليمن الجديد نيوز:
أفاد معهد “كوينسي” الأمريكي بأن الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن لم تحقق الأهداف المرجوة، بل أهدرت أكثر من مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين في البحر الأحمر. وأكد المعهد أن الحل الأمثل لوقف هجمات الحوثيين هو إنهاء الضربات الأمريكية على اليمن وإيقاف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي تعتبر المحفز الرئيسي لهذه الهجمات.
ونشر موقع “ريسبونسبل ستيتكرافت”، المجلة الإلكترونية التابعة لمعهد “كوينسي”، تقريراً أعده الباحثان جوناثان هوفمان وبنجامين جيلتنر. ذكر التقرير أن “الولايات المتحدة تخوض منذ أكثر من تسعة أشهر حملة عسكرية مفتوحة وغير مصرح بها من الكونغرس ضد الحوثيين في اليمن، الذين بدأوا مهاجمة السفن في البحر الأحمر وباب المندب في نوفمبر 2023، مستشهدين بحرب إسرائيل في غزة كدافع رئيسي. وفي ردٍ على ذلك، شنت واشنطن حملة انتقامية على أمل وقف هذه الهجمات، ووصف مسؤولو البحرية الأمريكية هذه الحملة بأنها “أشد معركة بحرية تواجهها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية”، لكن المشكلة أن هذه الحملة لم تنجح”.
وأشار التقرير إلى أن “النهج الأمريكي في التعامل مع الحوثيين يعد مثالاً على الإهمال الاستراتيجي، حيث إن هذه الحملة مكلفة للغاية وتعرض حياة الأفراد الأمريكيين للخطر دون تحقيق نتائج ملموسة”. كما اعتبر التقرير أن عدم اعتراف واشنطن بحرب “إسرائيل” في غزة كمحفز أساسي لهجمات الحوثيين يقوض أي فرصة لوقف هذه الهجمات في البحر الأحمر.
ودعا التقرير إلى “إنهاء النشاط العسكري الأمريكي ضد الحوثيين فوراً”، مشدداً على ضرورة “توقف الدعم الأمريكي للحرب الإسرائيلية على غزة كوسيلة لتهدئة التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط”.
وأضاف أن الاستراتيجية الحالية للولايات المتحدة تواجه عدة مشكلات، منها “افتقارها لأهداف سياسية ملموسة وقابلة للتحقيق، مما يثقل كاهل دافعي الضرائب الأمريكيين بتكاليف باهظة. فمنذ نوفمبر 2023، شنت جماعة الحوثيين حوالي 200 هجوم بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن تجارية وعسكرية في البحر الأحمر، مما أسفر عن إغراق سفينتين ومقتل ثلاثة بحارة على الأقل. في المقابل، لجأت الولايات المتحدة إلى الحلول العسكرية التقليدية والمعتادة”.
وأوضح التقرير أن “تكلفة صواريخ وطائرات الحوثيين، التي تصل إلى حوالي 2000 دولار أمريكي لكل وحدة، تعد ضئيلة مقارنة بالتكاليف الباهظة التي تتحملها الولايات المتحدة، حيث أن الصواريخ المستخدمة من قبل البحرية الأمريكية لإسقاط هذه الهجمات تكلف ملايين الدولارات. وقد أنفقت واشنطن حتى الآن أكثر من مليار دولار على الذخائر لمواجهة الحوثيين واعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة”.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن “هذه الجهود فشلت في ردع الحوثيين، ومن غير المرجح أن تنجح في المستقبل”. ولفت إلى أن “أغلب الهجمات التي نفذها الحوثيون وقعت بعد بدء الحملة الانتقامية الأمريكية، مما يدل على فشل هذه الجهود في وقف التصعيد”.
وأضاف التقرير أن “من غير المحتمل أن تتمكن الولايات المتحدة من تقليص قدرات الحوثيين إلى حد يمنعهم من مهاجمة السفن العابرة للبحر الأحمر. فقد أثبت الحوثيون، بعد ما يقرب من عشر سنوات من القتال ضد القوات التي تقودها السعودية، بدعم من الولايات المتحدة، براعتهم في أسلوب “إطلاق النار والانطلاق”، حيث يستخدمون أسلحة رخيصة الثمن وسريعة الحركة ومنتشرة في جميع أنحاء اليمن”. واعتبر التقرير أن “الأمر المثير للسخرية هو أن المسؤولين الأمريكيين يدركون الفجوة بين الأهداف العسكرية للحملة وأهدافها السياسية المعلنة”.
كما أشار التقرير إلى أن “الأدميرال جورج ويكوف، القائد البحري الأمريكي المسؤول عن عملية “حارس الازدهار”، ذكر في فبراير الماضي أن الحوثيين “لم يُردعوا بعد”. وفي أغسطس، أوضح ويكوف أن حلاً للصراع “لن يأتي عبر إنهاء نظام الأسلحة”. وقد لخص الرئيس بايدن هذا التناقض بشكل أفضل عندما سُئل عن الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين، حيث أجاب: “هل توقفت جماعة الحوثي؟ لا. هل ستستمر الضربات؟ نعم”.
واعتبر التقرير أن “الحملة العسكرية الأمريكية تفاقم الوضع بدلاً من تحسينه، حيث تؤجج الصراع وتعرض المزيد من السفن لنيران الحوثيين”.
وأضاف أن “الصراع بين الولايات المتحدة والحوثيين يهدد بتفاقم التوترات الإقليمية المتزايدة، مما قد يدفع الشرق الأوسط نحو حرب إقليمية واسعة النطاق. فقد شهدت الأشهر الإحدى عشر الماضية، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، تصعيداً عسكرياً متزايداً عبر المنطقة، حيث تتجذر الأعمال العدائية بين الحوثيين والولايات المتحدة في هذا السياق”.
وأشار التقرير إلى أنه “في ظل عدم وجود نهاية في الأفق للحرب في غزة والمخاوف من تصاعد النزاع الإقليمي، يمتلك اليمن القدرة على أن يصبح نقطة اشتعال حاسمة في هذا الصراع. وإذا كان هدف الولايات المتحدة هو إقناع الحوثيين بوقف هجماتهم وتجنب الانجرار إلى حرب إقليمية أخرى، فمن غير المرجح أن تحقق القوة العسكرية هذا الهدف”.
وشدد التقرير على أنه “لا توجد مصالح وطنية حيوية للولايات المتحدة على المحك في اليمن تبرر هذا المستوى من التدخل العسكري، أو إهدار مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين”.
وختم التقرير بالقول إن “الخيار الأفضل لواشنطن هو إنهاء تبادل الضربات العشوائي مع الحوثيين والاعتراف بأن دعمها للحرب الإسرائيلية في غزة يزعزع استقرار المنطقة ويضر بالمصالح الأمريكية”. وأكد أن “وقف إطلاق النار في غزة يمثل أفضل فرصة لوقف هجمات الحوثيين وتهدئة التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.