أطباء تحت النار.. جراح بريطاني يروي عن الجحيم الطبي في غزة

اليمن الجديد نيوز| تقارير| خاص|
داخل أروقة المستشفيات الميدانية في غزة، تتناثر مشاهد الألم التي يصعب وصفها بالكلمات. جراح العظام البريطاني غرايم غروم، الذي دخل القطاع أربع مرات سابقاً، يقول في تصريح إعلامي: إن ما يحدث اليوم يتجاوز كل ما يمكن للعقل أن يتخيله.

ويضيف بأسى: لا يمكن وصف الوضع بوقف إطلاق نار، لأن القصف ما زال مستمراً والناس يموتون يومياً من الجوع، موضحاً أن ما شهده ليس حربا، بل مجزرة وحشية تهدف إلى القتل والتشويه الجماعي.
غروم الذي عمل مع فرق طبية دولية في غزة، يصف الأيام الأخيرة بأنها الأصعب في مسيرته الطبية.
كنا نقضي ساعاتنا بين الأجساد الممزقة والأطراف المبتورة، نرى أطفالاً بلا عائلات، ومرضى ينتظرون مساعدة قد لا تأتي أبداً.
ورغم خبرته الطويلة في مناطق الصراع، يعترف الجراح البريطاني بأنه لم يواجه من قبل مستوى من الدمار والعجز الطبي كالذي يراه اليوم.
فالمستشفيات الميدانية، كما يقول، تفتقر إلى أبسط مقومات العمل الطبي: لا مولدات أكسجين، لا أسرّة عناية مركزة، ولا حتى إمكانية لنقل الدم، الحالات الحرجة تموت أمامنا لأننا ببساطة لا نملك ما ننقذها به.
ويؤكد غروم أن السلطات الكيان الإسرائيلي رفضت مؤخراً جميع طلبات الأطباء الأجانب لدخول غزة، وهو ما يزيد من عزلة الجرحى ويضاعف حجم الكارثة الإنسانية.
ويختم حديثه بنداء مؤلم: الحل ليس في إرسال مزيد من المستشفيات الميدانية، بل في إعادة تشغيل المستشفيات الدائمة بأسرع وقت ممكن. ما يجري في غزة ليس أزمة مؤقتة، بل انهيار كامل للنظام الصحي والإنساني.
وبينما يغادر الجراح البريطاني غرايم غروم حدود غزة، يبقى صدى كلماته يختصر المشهد كله: لا حديث عن هدنة في أرض يُقصف فيها الجوع، ولا معنى للطب حين يُقتل الأطباء والمرضى معاً.
في ممرات المستشفيات المهدمة، تتراكم الجثث وتختفي الأصوات، لكن شهادة الطبيب البريطاني تبقى وثيقة حية تفضح ما يحاول العالم تجاهله: أن غزة تنزف، والعالم صامت.



