مروان الغفوري يكتب عن: “اعتقاد البيت الأبيض أن بمقدوره حل كل مشاكله عن طريق الصواريخ”
اليمن الجديد نيوز| مروان الغفوري| مقالات:
يعتقد البيت الأبيض أن بمقدوره حل كل مشاكله عن طريق الصواريخ.
جاء الدور على صنعاء بعد عواصم إسلامية – عربية عديدة. في كل مرة يجد الأميركي المستبصر نفسه عاجزا عن إدراك المصلحة القومية لبلاده من وراء كل تلك الحروب. لماذا انتقلتم من أفغانستان إلى العراق؟ يسأل مايكل مور مسؤولاً أميركيا رفيعا. أجابه: لم نجد في أفغانستان أهدافاً تستحق التدمير.
الأمر أعقد من ذلك ولكن المتاهة الأميركية أخذت هذا الشكل الكاريكاتوري المروع.
ما الذي يرغب الأميركيون بهزيمته في صنعاء؟ لا شيء. اقتربت حرب بايدن على غزة من نهاية شهرها الرابع، صارت أميركا إلى دولة مارقة في نظر العالم، بايدن يغطي حربه على غزة بحديث مكشوف عن مشروع وهمي اسمه حل الدولتين. يهاجم صنعاء كي يصرف الأنظار عن الشوط الأخير من حرب التوراة على غزة؟ ليفرض إرادته على البحر بما يناسب تصوره لقدرته؟ أهل الجبل أدرى ببحرهم من سواهم. الحرب على غزة قالت إن الصواريخ لوحدها لا تكفي لفرض الإرادة.
لماذا لا تبادر الصين بإطلاق الصواريخ على صنعاء، فهي صاحبة القسط الأكبر من البضائع التي تعبر المندب؟ الصين بلد مستقل، تحكمه تقاليد ومؤسسات وليس عصابات كما هو حال البيت الأبيض.
هل لدى أميركا استراتيجية خروج من أزمة ‘باب المندب’ التي ذهبت إليها استجابة لضغط العصابات؟ لا أظن، ولو أرد الحوثيون تعطيل الحركة البحرية كليّاً لأمكنهم ذلك، على الأقل من خلال إشاعة الذعر، وتحويل الطريق البحري الضيق إلى دهليز عالي المخاطر.
لا يمكنك فرض إرادتك على العالم لمجرد أن لديك “صواريخ رائعة”، حد تعبير ترامب. عجزت أميركا، كعادتها، عن أن تبدو دولة ناضجة تستخدم القوة في إشاعة السلام العالمي. تقف وحيدة في الأمم المتحدة بين بحر من دول العالم المنادية بإيقاف الحرب، لتصوت مع مجموعة من الدول الوهمية لصالح استمرار آلة الموت. ما المصلحة القومية التي ستجنيها أميركا من “الإبادة الجماعية” في غزة؟ وماذا تريد من قصف صنعاء سوى التأكيد لعصابات الظل أنها في الخدمة!
في فيلم “آخر ثلاثة أيام” يذهب رجل إلى خبير بطرق الفرار من السجون، يطلب منه أن يخلص زوجته المحكومة بالإعدام. ثم يسأله: أين أهرب بها بعد خروجها؟ يجيبه الرجل العارف: إلى بلد لا تعرف عنه أميركا شيئاً، إلى اليمن.
ذهبت أميركا إلى اليمن، البلد الذي لا تعرف عنه شيئا، وتجرأت على مهاجمته بالصواريخ، ولا يبدو أنها قد سألت نفسها ما إذا كانت قذائفها ستوقظ خطراً من مرقده. خصوصاً واليمن ينام على سلاسل جبال تطل على طريق بحري عرضه ٢٠ ميلاً فقط. وأميركا، في هذه الساعة، منبوذة، تنتظر قادتها محاكمات بارتكاب جرائم حرب (ستعقد أول جلسة محاكمة صد بايدن وبلينكن قبل نهاية هذا الشهر).
*كاتب صحفي وشاعر وأديب وروائي يمني
- نقلا عن صفحة الكاتب على منصة “إكس”