الاخبار الرئيسيةتقارير وتحليلات

تقرير أوروبي: هجمات البحر الأحمر تكشف انهيار الردع التقليدي وصعود الأساليب منخفضة الكلفة

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات

كشف موقع مودرن بوليسي الأوروبي في تقرير حديث عن تحول لافت في طبيعة الصراعات البحرية بعد الهجمات التي نفّذتها قوات حكومة صنعاء ضد السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.

ووفق التقرير، أظهرت هذه الهجمات أن الأساليب غير المتكافئة منخفضة التكلفة أصبحت قادرة على تحدي الأساطيل الغربية المتطورة، وإعادة صياغة المعادلات الأمنية في واحد من أهم الممرات البحرية العالمية.

وبحسب الموقع، فإن ما يجري في البحر الأحمر يمثل “تحولاً كبيراً في طبيعة الصراعات الحديثة”، ويؤشر إلى مرحلة تتراجع فيها فعالية النماذج العسكرية التقليدية أمام أدوات قتالية رخيصة الثمن لكنها عالية التأثير.

أسلحة زهيدة تتغلب على أساطيل بمليارات الدولارات

يؤكد التقرير أن هجمات قوات حكومة صنعاء سلطت الضوء على فعالية الاستراتيجيات غير المتكافئة مقارنة بالقوة العسكرية التقليدية.

فبينما تعتمد الدول الكبرى على حاملات طائرات ومدمرات مزودة بأنظمة دفاعية معقدة، استخدمت صنعاء طائرات مسيّرة انتحارية، وصواريخ باليستية، وأنظمة مراقبة منخفضة الكلفة لتحقيق تأثير استراتيجي واسع.

وأشار التقرير إلى أن “هذه الأساليب غير المتكافئة أثبتت قدرتها على تعطيل حركة التجارة العالمية، وإجبار شركات الشحن على تغيير مساراتها، رغم الانتشار العسكري الأميركي والبريطاني في المنطقة”.

تكتيكات جديدة تتجاوز نموذج “حرب العصابات”

يرى التقرير الأوروبي أن قوات صنعاء طورت نموذجاً حديثاً من العمليات غير المتكافئة، يجمع بين المرونة العالية والتكنولوجيا الرخيصة.

فبعكس حركات التمرد التقليدية في القرن الماضي، اعتمدت صنعاء على “طائرات مسيرة صغيرة يصعب رصدها – صواريخ دقيقة منخفضة التكلفة – أنظمة استشعار وإطلاق بدائية لكنها فعالة – استهداف سفن تجارية ضخمة عبر أدوات بسيطة الثمن”

وقال التقرير إن “طائرة مسيرة واحدة قادرة على إرغام عشرات الشركات العالمية على تغيير خطوطها، ورفع تكاليف التأمين والشحن، وإحداث ارتباك واسع في سلاسل الإمداد”.

تفوق التكنولوجيا الغربية يصبح غير ذي صلة

أوضح تقرير “مودرن بوليسي” أن التفوق التكنولوجي للأساطيل الغربية لم يعد حاسماً في مواجهة التهديدات الصغيرة، إذ تتلاشى أفضلية السفن الحربية المتطورة عندما يأتي الخطر من أهداف صغيرة، منخفضة البصمة، زهيدة التكلفة.

وأشار إلى أن “السفن الحربية الحديثة تفقد ميزتها عندما تواجه أسراباً من المسيّرات يصعب تتبعها، ويمكن إنتاجها بكلفة متواضعة”.

فجوة كبيرة في العقيدة الدفاعية للدول الكبرى

أكد التقرير أن استمرار الهجمات رغم وجود قطع بحرية أميركية وبريطانية في البحر الأحمر يبرز ثغرات خطيرة في العقيدة الدفاعية التقليدية. وعلى الرغم من نشر أنظمة دفاع جوي وصاروخي متقدمة، فإن الهجمات واصلت إصابة أهداف حساسة.

ووصف التقرير هذا الواقع بأنه “إخفاق بنيوي في نماذج الردع البحري”، مشيراً إلى أن التحديات التي فرضتها قوات صنعاء تجاوزت قدرة القوى الكبرى على التحكم بمسار الأحداث.

قوة التأثير تأتي من الاقتصاد وليس من النار

أشار التقرير إلى أن القوة الاستراتيجية لقوات صنعاء لا تنبع فقط من الأدوات العسكرية المستخدمة، بل من قدرتها على استغلال الترابط الاقتصادي العالمي في البحر الأحمر. فالهجوم الواحد يؤدي إلى “إعادة تقييم مسارات الملاحة فوراً، ارتفاع كبير في تكاليف التأمين، تغيّر أسعار السلع والشحن، وتوسّع نطاق القلق في الأسواق الدولية”.

ويقول التقرير: “الخوف الناتج عن الهجمات يُحدث تأثيراً اقتصادياً أكبر بكثير من الأضرار المباشرة التي تلحق بالسفن”.

نحو إعادة تشكيل النظام الأمني العالمي

خلص التقرير إلى أن أزمة البحر الأحمر عرّت قصور النموذج الأمني الدولي في التعامل مع التهديدات غير النظامية، مؤكداً أن الأساليب منخفضة التكلفة “قوّضت هيمنة الدول الكبرى، وأظهرت هشاشة هياكل الأمن التقليدي”.

ويرى الموقع أن الهجمات ليست مجرد تعطيل للتجارة الدولية، بل مؤشر على إعادة تموضع عميق في بنية النظام الأمني العالمي، حيث تتقدم الأدوات غير المتكافئة على الردع التقليدي، ويتراجع دور الأساطيل الكبرى أمام فاعلين يمتلكون أدوات رخيصة لكن عالية التأثير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى