الاخبار الرئيسيةتقارير وتحليلات

أوروبا تسرّع توسعاتها الصناعية داخل الصين بحثاً عن التكلفة والقدرة التنافسية

شركات أوروبية تعزز وجودها الإنتاجي في الصين رغم حديث “فك الارتباط”

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات 

كشفت صحيفة فايننشال تايمز أن المصنعين الأوروبيين يوسّعون استثماراتهم الإنتاجية داخل الصين بوتيرة متصاعدة، على الرغم من المخاوف الغربية المتعلقة بالاعتماد المفرط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وأكدت الصحيفة أن المزايا الهيكلية للصين، وعلى رأسها انخفاض التكاليف وكفاءة سلاسل التوريد، تضع الشركات الأوروبية أمام معادلة صعبة تجعل المنافسة من خارج السوق الصينية أقل جدوى.

تكاليف أقل وسلاسل توريد أكثر فاعلية تدفع الشركات للتمدد داخل السوق الصينية

بحسب التقرير، فإن الشركات الأوروبية تعتبر البيئة التصنيعية في الصين الأكثر قدرة على منحها ميزة تنافسية حاسمة، ليس فقط بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج، بل أيضاً بفعل القواعد الحكومية الصينية التي تفضل المصنّعين المحليين في المشتريات الحكومية.

ويقول التقرير إن هذه السياسات تدفع الشركات الأجنبية إلى الاستثمار داخل الصين لضمان الوصول إلى سوقها الهائلة.

ونقلت الصحيفة عن كونراد كيجزر، الرئيس التنفيذي لشركة “كلاريانت” السويسرية للكيماويات، قوله إن شركته تضخ 180 مليون فرنك سويسري (226 مليون دولار) لتوسعة مصنعها في منطقة خليج دايا، التي تضم أيضاً استثمارات كبرى لشركتي باسف الألمانية وشل.

الاعتماد على الصين لا ينخفض… بل يتزايد عالمياً

وقال ينس إسكيلوند، رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، إن الاتجاه العام يشير إلى زيادة اعتماد الشركات العالمية—not فقط الأوروبية—على الصين، موضحاً أن الشركات التي تحتاج إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في سلسلة التوريد العالمية “ستتجه بطبيعتها إلى المكان الذي يوفر المكونات الأقل تكلفة”، وهو ما يتوفر في الصين بشكل واضح.

استثمارات قياسية في التصنيع داخل الصين منذ 2021

وأشار التقرير إلى بيانات مجموعة روديوم في واشنطن، التي تؤكد استمرار تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر من أوروبا إلى قطاع التصنيع الصيني منذ 2021، مسجلاً رقماً قياسياً بلغ 3.6 مليارات يورو في الربع الثاني من العام الماضي.

وترى الصحيفة أن المثير للقلق بالنسبة لأوروبا هو استخدام الشركات الغربية للصين كمنصة تصدير عالمية، حيث أدى انكماش أسعار المنتجين وخفض قيمة اليوان بنسبة 20% مقابل اليورو منذ منتصف 2022 إلى جعل الصين قاعدة إنتاج أرخص بكثير من أوروبا، خصوصاً بعد ارتفاع تكاليف الطاقة الأوروبية بسبب الحرب في أوكرانيا.

تسريح عمالة في أوروبا مقابل توسع صناعي داخل الصين

وأوضحت فايننشال تايمز أن موجة توسع الاستثمارات داخل الصين تتزامن مع عمليات تسريح كبيرة في أوروبا، خاصة في قطاع السيارات.

فشركة ZF الألمانية أعلنت تسريح 7600 موظف في أوروبا بحلول 2030، بعد أقل من عام من إعلان توسعها في مدينة شنيانغ الصينية.

كما كشفت شركة شيفلر لصناعة قطع الغيار عن خطة لمضاعفة أعمالها في الصين خلال سبع سنوات، في الوقت الذي أغلقت فيه بعض عملياتها الأوروبية وخفّضت نحو 4700 وظيفة.

وتشير الصحيفة إلى توسعات مماثلة أعلنتها شركات أوروبية كبرى، بينها مجموعة شنايدر الفرنسية، ودانفوس الدنماركية لمحركات السيارات، وفيستاس لصناعة توربينات الرياح، وشركات الأدوية العالمية روش وأسترازينيكا.

تعميق البحث والتطوير داخل الصين… وليس مجرد نقل مصانع

لا يقتصر التحول الأوروبي على نقل القدرات الإنتاجية فقط، بل يمتد إلى تعميق أنشطة البحث والتطوير داخل الصين.

ويشير التقرير إلى أن الشركات الغربية أصبحت تعتمد الصين كمركز تقني وعلمي متكامل، وليس كمنصة إنتاج منخفض التكلفة فحسب.

خبراء أوروبيون: المشكلة داخل أوروبا… لا في الصين

ونقلت فايننشال تايمز عن يورغ ووتكه، الشريك في مجموعة “دي جي إيه” الاستشارية والرئيس السابق لغرفة التجارة الأوروبية في الصين، قوله إن أوروبا تتحمل جزءاً أساسياً من المسؤولية عن تراجع تنافسيتها.

وأضاف أن القارة تحتاج قبل كل شيء إلى “إصلاح ذاتي عميق” يشمل تحرير الأسواق، وخفض أسعار الطاقة، وتعزيز القدرة التنافسية، ورفع مستوى التعليم الهندسي، مؤكداً: “لا يمكننا إلقاء اللوم على الصين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى