جيروزالم بوست: هجوم الحوثيين يكشف ثغرات خطيرة في أمن مطار رامون ويحرج المؤسسة الإسرائيلية
تحقيق رسمي: المطار تُرك بلا حماية كافية رغم التحذيرات .. وهجوم سبتمبر أعاد فتح الملف

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات
نقلت صحيفة جيروزالم بوست في تقرير جديد أن مطار رامون، الواقع قرب إيلات جنوب فلسطين المحتلّة، يعاني منذ سنوات من إهمال واضح في الجوانب الأمنية والصحية، رغم التحذيرات المتكررة التي وجهها مراقب الدولة الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم الذي نفذته طائرة مسيّرة تابعة للحوثيين في السابع من سبتمبر/أيلول 2025 كشف حجم القصور، بعد أن أصاب صالة الركاب وأدى إلى جرح خمسة أشخاص بشظايا.
وتقول الصحيفة إن ما جرى مثّل ضربة محرجة للأمن الإسرائيلي، خصوصاً بعد أن أكدت التحقيقات الأولية أن الضربة الحوثية استخدمت “أسلوب تحويل معقد ومباغت” مكّنها من تجاوز الدفاعات الجوية والوصول إلى المطار.
مراقب الدولة: الجهات الحكومية تجاهلت الإنذارات .. ولو نُشر التقرير مبكراً لربما أمكن منع الهجوم
بحسب ما أوردته جيروزالم بوست، اتهم مراقب الدولة ماتانياهو إنجلمان عدة جهات—منها سلطة المطارات، ووزارة الصحة، وشرطة الاحتلال، والجيش—بالتقاعس عن معالجة الثغرات الأمنية والصحية في مطار رامون.
وأشار إنجلمان إلى أن تقريره أُجّل نشره بسبب اعتراضات من مسؤولين في الكنيست والجيش ووكالات حكومية، ملمحاً إلى أنه لو لم يتم تعطيل التقرير، لكان من الممكن منع الهجوم الحوثي أو على الأقل تخفيف أثره.
وأوضحت الصحيفة أن الشرطة لم تُنشئ حتى الآن منظومة قيادة وتحكم خاصة بالمطار، وأن الجيش الإسرائيلي لا يعتبر نفسه مسؤولاً مباشرًا عن أمنه، ما أدى إلى تضارب الصلاحيات وغياب الجهة التي تتولى القيادة عند وقوع أي حادث كبير.
ثغرات طبية وصحية تُعرّض المسافرين للخطر .. والجهات الرسمية تتجاهل التقارير
يكشف تقرير مراقب الدولة—وفق الصحيفة—أن مطار رامون لا يمتلك البنية الصحية المطلوبة وفق المعايير الدولية.
فوزارة الصحة التابعة للكيان المحتل ونجمة داوود الحمراء أوضحتا منذ 2017 أن المطار يحتاج إلى عدد محدد من سيارات الإسعاف وخدمات طبية دائمة، لكن هذه المتطلبات لم تُلبَّ.
وعلى الرغم من ذلك، أعلنت سلطة المطارات التابعة للاحتلال في مارس/آذار الماضي بشكل “غير دقيق” أن المطار يستوفي شروط السلامة الصحية، وهو ما اعتبره المراقب “إخفاءً للحقائق” قد يعرّض الركاب للخطر.
كما تكشف وثيقة لوزارة صحة الكيان تعود لعام 2019—نقلتها الصحيفة—أن الوزارة أبلغت مجلس الأمن القومي ورئيس الوزراء بأنها غير قادرة على تحمّل مسؤولية الوضع الصحي في المطار، لكن الرسالة لم تواجَه بأي إجراء متابعة.
تراجع في الدفاعات الجوية بعد صراع يونيو .. والحوثيون استغلوا اللحظة
تقول جيروزالم بوست إن مسؤولين إسرائيليين في الجنوب اعترفوا بأن البنية الدفاعية الجوية تدهورت بعد المواجهة مع إيران في يونيو 2025، ما أدى إلى نقص واضح في الموارد.
ويرى هؤلاء أن الهجوم الحوثي جاء في لحظة “تراجع الانتباه” والتركيز، واستفاد من حالة الاسترخاء الأمني بعد انتهاء الصراع.
وبحسب الصحيفة، اعترض سلاح الجو ثلاث طائرات مسيّرة خلال النهار، لكن الهجوم الحوثي الذي أصاب المطار وقع بعد دقائق فقط من إعلان قيادة الجبهة الداخلية انتهاء الإنذار، ما يشير إلى أن الدفاعات الإسرائيلية خففت جاهزيتها في توقيت حساس.
وتصف الصحيفة العملية بأنها “نجاح عملياتي” للحوثيين من حيث القدرة على اختراق منطقة محمية نظرياً، وتنفيذ ضربة دقيقة ضد منشأة مدنية تُعد رمزاً لخطط الطوارئ الإسرائيلية.
مطار رامون: مشروع خاسر وتكاليف بمليارات الشواكل
تضيف جيروزالم بوست أن مطار رامون، الذي أُنشئ ليكون بديلاً لمطار بن غوريون في حالات الحرب، يعاني خسائر تشغيلية سنوية تُقدر بـ 274 مليون شيكل، بينما بلغت خسائره الإجمالية أكثر من 1.4 مليار شيكل منذ افتتاحه، إضافة إلى 2 مليار شيكل كلف بناء.
ويستطيع المطار—وفق التقرير—استيعاب 150 رحلة يومياً، مقارنة بـ400 رحلة في مطار بن غوريون، ما يضعه في مرتبة ثانوية من حيث الأهمية الاستراتيجية والموارد.
التحسينات بعد هجوم سبتمبر .. لكنها ما زالت غير كافية
تنقل الصحيفة عن مصادرها أن بعض الإصلاحات الأمنية نُفّذت بالفعل بعد هجوم الحوثيين، إلا أن هذه الإجراءات لا تزال بعيدة عن المستوى المطلوب لمطار يفترض أن يكون نقطة بديلة للطوارئ في حالات الحرب.
وأشارت جيروزالم بوست إلى أن تفاصيل القصور الكامل في أمن المطار لا تُعرض إلا لأعضاء كنيست محددين، نظراً لحساسيتها.
رداً على تقرير مراقب الدولة، قالت هيئة المطارات إنها شكّلت لجنة مركزية لمعالجة المخالفات، معتبرة أن معظم القصور يخص الجيش والشرطة ووزارة الصحة، وليس الهيئة وحدها.
هجوم الحوثيين يفرض معادلة جديدة ويحرج الأمن الإسرائيلي
بحسب قراءة جيروزالم بوست، فإن الهجوم الحوثي على مطار رامون لم يكن مجرد حادث عابر، بل مؤشر على قدرة الجماعة على استغلال الفجوات الأمنية داخل إسرائيل وتنفيذ ضربات نوعية خارج نطاقها التقليدي، ما يضع المؤسسة الأمنية أمام مراجعة شاملة لخططها.
وترى الصحيفة أن استمرار هذه الهجمات—في ظل تراجع التنسيق الحكومي والتقصير في البنية الصحية والأمنية—يعيد طرح سؤال مركزي داخل إسرائيل:
هل ما حدث في رامون هو استثناء… أم مقدمة لسلسلة هجمات تكشف هشاشة البنية الدفاعية؟



