تقرير بريطاني: تمدّد الانتقالي يقلب معادلات الجنوب والسعودية تتراجع .. والإمارات تنفرد بالقرار
قراءة بريطانية تكشف عمق الانقسام داخل التحالف واعتبار الانسحاب السعودي من الجنوب تراجعاً استراتيجياً أمام النفوذ الإماراتي الصاعد.

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات
تشير “الجارديان” إلى أن التحالف المناهض لصنعاء يشهد انقساماً غير مسبوق، مع تصاعد التوتر بين السعودية والإمارات بشأن تقاسم السيطرة على المناطق التي كانت تُدار بشكل مشترك منذ سنوات الحرب.
وبحسب التقرير، فإن دخول قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، المموَّلة إماراتياً، إلى حضرموت ثم المهرة أعاد خلط الأوراق، خصوصاً أن هذه هي المرة الأولى منذ عقود التي يفرض فيها الانتقالي سيطرته الكاملة على المحافظات الجنوبية الثماني.
وتؤكد الصحيفة أن تقدّم ما يقارب 10 آلاف مقاتل من الانتقالي إلى حضرموت شكّل نقطة تحوّل حاسمة، دفعت الصراع داخل التحالف إلى السطح، ورسّخت شعوراً سعودياً بأن النفوذ يُنتزع منها تدريجياً.
وتضيف أن هذا التطور عُدّ لحظة مفصلية فجّر خلافاً صامتاً بين الرياض وأبوظبي حول مستقبل اليمن وترتيبات ما بعد الحرب.
وترى “الجارديان” أن هذا التمدد السريع يعمّق هشاشة التحالف، ويُظهر الإمارات كلاعب الأكثر تنظيماً وجرأة في الجنوب، مقابل تراجع سعودي واضح.
انسحاب سعودي واسع .. اعتراف بالهزيمة أم إعادة تموضع؟
تعتبر الصحيفة أن الانسحاب السعودي المتتابع من مواقع سيادية كقصر المعاشيق ومطار عدن وقاعدة بدر وجزيرة ميون، وقبلها من حضرموت والمهرة، يعبّر عن انحسار سياسي وعسكري أكبر من مجرد إعادة انتشار تكتيكية.
وتصف “الجارديان” هذا التراجع بأنه أقرب إلى اعتراف ضمني بالهزيمة في سباق النفوذ مع الإمارات، خصوصاً أن الرياض غادرت فعلياً جميع المحافظات الجنوبية الثماني، تاركة الساحة مفتوحة أمام الانتقالي الموالي لأبوظبي.
وتنقل الصحيفة عن مصادر دبلوماسية أن السعودية تواجه اليوم اختباراً صعباً، إذ فقدت أهم أوراقها في الجنوب، فيما يتنامى شعور داخل دوائر صنع القرار بأن الإمارات حسمت المشهد الجنوبي لصالحها دون مقاومة تُذكر.
مشروع دولة جنوبية .. مخاطر جيوسياسية واحتمالات واقعية
يرجّح التقرير أن التمدد الانتقالي بدعم إماراتي قد يمهّد الطريق نحو إعلان دولة جنوبية من طرف واحد، رغم التحفّظات الدولية والمخاطر الجيوسياسية المعقدة.
وتشير “الجارديان” إلى أن أبوظبي منحت الضوء الأخضر للانتقالي للسيطرة على شركة “بترومسيلة” النفطية، أكبر منشأة إنتاج نفطي في اليمن، وهو ما اعتبرته الصحيفة “ورقة نفوذ اقتصادية وسياسية حاسمة”.
وتتوقع الصحيفة أن يسعى الانتقالي خلال المرحلة المقبلة إلى استفتاء حول تقرير المصير، في خطوة قد تعيد إلى الأذهان سيناريوهات الانقسام التاريخي، مع احتمال مواجهة ردود فعل إقليمية ودولية متضاربة.
وفي المقابل، لا تزال الأمم المتحدة وعدد من الدول الغربية ترفض رسمياً فكرة تقسيم اليمن، لكنها تراقب الوضع بقلق، وسط تزايد المؤشرات على أن الإمارات تدفع نحو واقع سياسي جديد في الجنوب.
اتصالات دولية مكثفة مع الانتقالي .. واستكشاف مسار العلاقة مع روسيا
تكشف الصحيفة عن وجود تحركات دبلوماسية غربية نشطة، حيث أجرى مسؤولون غربيون اتصالات مباشرة مع رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي لبحث توجهاته المستقبلية، بما في ذلك مسار العلاقة مع روسيا، وموقف المجلس من المواجهة مع قوات صنعاء.
وتشير المعلومات إلى أن هذه اللقاءات تهدف إلى قراءة المرحلة المقبلة، خصوصاً مع التحولات الاستراتيجية في الجنوب وتراجع الدور السعودي، وما يمكن أن يعنيه ذلك لتوازنات الإقليم.
مشهد إقليمي جديد .. الإمارات تتصدر والسعودية تتراجع
يخلص التقرير إلى أن الشرخ السعودي–الإماراتي بات واضحاً في إدارة ملف اليمن، إذ تحولت الإمارات إلى اللاعب الأكثر تأثيراً وصاحب القرار النهائي في الجنوب، بينما تواجه الرياض تراجعاً غير مسبوق في نفوذها التقليدي.
وترى “الجارديان” أن هذا التحول لا يقتصر على الجغرافيا السياسية، بل يعكس تغيّراً في موازين القوى داخل التحالف نفسه، مع احتمال إعادة رسم مستقبل اليمن بطريقة لا تتوافق مع الرؤية السعودية ولا مع ترتيبات ما قبل الحرب.
المصدر: صحيفة “الجارديان” البريطانية



