مجلة أمريكية تكشف صراع الحلفاء في اليمن: نفوذ ينهار وآخر يتمدّد .. وواشنطن في مأزق
تقرير “نيوزويك” يوضح كيف تحوّل التحالف السعودي ـ الإماراتي من جبهة موحّدة إلى سباق محموم للسيطرة على جنوب اليمن وموارده الحيوية.

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات
قالت مجلة “نيوزويك” الأمريكية أن التنافس بين السعودية والإمارات لم يعد خافياً، بل أصبح سمة أساسية في المشهد اليمني، بعدما تحوّل الصراع من جبهة مشتركة ضد حركة صنعاء إلى حرب نفوذ بالوكالة للسيطرة على الجنوب وموارده الاستراتيجية.
وتوضح المجلة أن هذا التنافس المتصاعد يعكس التعقيد الجيوسياسي الذي تديره واشنطن وشركاؤها، حيث يجد البيت الأبيض نفسه أمام حليفين يتحركان ضد بعضهما على الأرض نفسها.
وتتحدث المجلة عن تمدّد المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، وسيطرته على معظم مناطق الجنوب، بما يشمل الموانئ والمنشآت النفطية الحيوية، وهو ما جعل المنافسة بين الرياض وأبوظبي تدخل مرحلة حساسة قد تعيد رسم الخريطة السياسية اليمنية.
وتضيف “نيوزويك” أن هذا الوضع يثير قلق واشنطن، التي تواصلت مع وزارات الخارجية في السعودية والإمارات، دون أن تحصل على توضيحات مباشرة، بينما تستشعر مخاطر انهيار سياسة “الإدارة المشتركة” التي كانت تعوّل عليها في اليمن.
تمدّد الانتقالي .. ورقة إماراتية تفرض واقعاً جديداً
يرى التقرير أن سيطرة المجلس الانتقالي على كامل جنوب اليمن تشير إلى تحوّل جذري قد يفتح الباب أمام إعلان دولة جنوبية مستقلة، في ظل إصطفاف إماراتي واضح خلف المشروع الانفصالي.
وتعتبر المجلة هذا التطور “نقطة تحول مركزية في مسار الحرب”، إذ منح أبوظبي نفوذاً واسعاً على الموانئ والموارد النفطية والممرات البحرية.
ويرجّح محللون تحدّثت إليهم “نيوزويك” أن الخطوات الأخيرة تعزز فرص إعادة اليمن إلى وضع الدولتين، خصوصاً مع ضعف الحكومة المعترف بها دولياً وتآكل حضورها العسكري والسياسي.
وتضيف المجلة أن هذا التمدد لا يعيد تشكيل الجنوب فحسب، بل يفرض واقعاً إقليمياً جديداً يصعب على السعودية تجاهله.
صدمة في الرياض .. تراجع يثير الأسئلة حول دور السعودية
تؤكد “نيوزويك” أن التطورات الأخيرة شكّلت ضربة قوية للنفوذ السعودي.
فبعد سنوات من دعم الحكومة المعترف بها دولياً، تجد الرياض نفسها اليوم أمام فقدان السيطرة على البنية التحتية والموانئ والحقول النفطية في الجنوب.
وتلفت المجلة إلى أن الانسحابات السعودية من قصر المعاشيق ومطار عدن جاءت كمؤشر لإخفاق القوات الموالية لها، بما يوحي بأن السعودية تواجه تراجعاً استراتيجياً غير مسبوق داخل الساحة اليمنية.
وتضيف أن هذا التراجع يطرح أسئلة ملحّة:
هل ستلجأ الرياض لرد عسكري مباشر؟
أم ستنخرط في مفاوضات مع الانتقالي؟
أم ستتقبل واقعاً جديداً يقوم على جنوب مستقل أو شبه مستقل؟
وترى المجلة أن السعودية تجد نفسها اليوم أمام مرحلة إعادة تقييم عميقة لاستراتيجيتها، بعد أن فقدت أهم أدوات الضغط في الجنوب.
التعقيد الأميركي: صراع الحلفاء يربك واشنطن
تسلط “نيوزويك” الضوء على الارتباك الأمريكي حيال نزاع يدور بين اثنين من أهم حلفائها في المنطقة. فمن جهة، تعتمد واشنطن على السعودية في ملفات الطاقة والإقليم، ومن جهة أخرى ترى في الإمارات شريكاً لا يمكن الاستغناء عنه عملياتياً وأمنياً.
وترى المجلة أن واشنطن تخشى أن يؤدي الصراع إلى فراغ سياسي وأمني قد تستغله صنعاء لتعزيز حضورها في الشمال، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية قد تضطر لتعديل آليات المساعدات والتنسيق الأمني خشية خروج اليمن عن “المخطط المرسوم” الذي تسعى السعودية والإمارات لتنفيذه.
وتربط “نيوزويك” بين تعقيدات اليمن والتوترات المحيطة بالأزمة السودانية، حيث تواجه الإمارات اتهامات دولية بدعم قوات الدعم السريع، فيما تحاول السعودية دفع واشنطن للتدخل هناك، ما يزيد المشهد تعقيداً.
لماذا اليمن مهم؟ صراع يتجاوز الجغرافيا
توضح المجلة أن أهمية اليمن بالنسبة للسعودية والإمارات تتجاوز حدود النفوذ العسكري. فالسيطرة على الجنوب تعني الإمساك بورقة النفط والموانئ والحدود المؤثرة على طرق التجارة العالمية.
وبالتالي فإن خسارة السعودية لهذه المناطق لا تعني خسارة ساحة نفوذ فحسب، بل خسارة قدرتها على توجيه مستقبل اليمن بشكل جذري.
وتشير إلى أن الانقسامات اليمنية التي تعود جذورها إلى ما قبل وحدة 1990، ثم أحداث 2014، خلقت بيئة مناسِبة لظهور مشاريع انفصالية قوية، استغلها الانتقالي لتعزيز هدف السيطرة على الجنوب.
ما بعد السيطرة: سيناريوهات الجنوب ومستقبل النزاع
بحسب “نيوزويك”، فإن السيناريو الأقرب هو تعزيز المجلس الانتقالي سلطته عبر:
– صدام مباشر مع الحكومة المعترف بها دولياً
– أو الدخول في مفاوضات سياسية لفرض شروطه
– أو التحرك نحو إعلان استقلال الجنوب
وتحذر المجلة من أن أي مسار سيتخذه الانتقالي سيعيد تشكيل ميزان القوى في اليمن وربما في الإقليم كله.
أما السعودية، فهي وفق التحليل أمام ثلاثة خيارات محدودة:
– رد عسكري يستعيد المبادرة
– مسار دبلوماسي يحدّ من الخسائر
– أو القبول بواقع سياسي جديد لا تملك فيه اليد العليا
وتختتم المجلة بالإشارة إلى أن الطرف الذي يراقب هذه الانقسامات عن كثب هو صنعاء، التي قد تستغل الفراغ الناتج لتعزيز موقفها التفاوضي والعسكري.
المصدر: مجلة “نيوزويك” الأمريكية



