صحيفة الأخبار اللبنانية تكشف كيف سلّمت السعودية الجنوب للإمارات وانسحبت من المشهد اليمني
إجلاء واسع، انسحابات ميدانية، وإغلاق منافذ .. تقرير يكشف تفاصيل إعادة التموضع السعودي وترك الساحة الجنوبية لنفوذ إماراتي منفرد.

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات
قالت صحيفة «الأخبار» إن الرياض واصلت خلال الأيام الماضية تنفيذ عملية إجلاء واسعة لطواقمها العسكرية والمدنية من مدينة عدن، في خطوة عكست تحولاً لافتاً في موقفها الميداني جنوب اليمن.
وبحسب مصادر ملاحية في مطار عدن، شهد المطار حالة إرباك ملحوظة نتيجة الرحلات المتواصلة التي خصصتها القوات الجوية السعودية لنقل ما تبقى من وزراء حكومة عدن وطواقم الرئاسة من قصر المعاشيق، إضافة إلى طواقم طبية سعودية كانت تعمل في مستشفيات المدينة.
وتزامن هذا الإجلاء مع إغلاق عملي للوجود السعودي في مراكز القرار داخل عدن، ما اعتبرته مصادر مطلعة مؤشراً على إنهاء مرحلة كاملة من إدارة المشهد الجنوبي بشكل مباشر.
أوامر انسحاب للفصائل الموالية للرياض
تشير الصحيفة إلى أن الإجلاء لم يكن خطوة معزولة، بل رافقته توجيهات سعودية صريحة للفصائل المسلحة الموالية لها، وعلى رأسها «قوات درع الوطن» السلفية، بالانسحاب الفوري من عدن ومناطق تمركزها في محافظات لحج وأبين والمهرة ووادي حضرموت.
وبحسب المصادر، شملت الأوامر إعادة انتشار هذه القوات في مناطق محددة على طريق العبر الرابط بين حضرموت ومأرب، ومنطقة الوديعة الحدودية، إلى جانب إغلاق المنفذ البري الوحيد الذي يربط اليمن بالمملكة، في خطوة فسّرتها الصحيفة على أنها قطع شبه كامل للخطوط الخلفية السعودية داخل الجنوب.
مخاوف الحلفاء وانتهاكات ميدانية
أثارت هذه الانسحابات، وفق «الأخبار»، قلقاً واسعاً لدى القوى الموالية للرياض في المحافظات الجنوبية والشرقية، خشية تعرّضها لانتهاكات من قبل فصائل «المجلس الانتقالي الجنوبي».
وتحدثت الصحيفة عن حوادث أسر طاولت عدداً من منتسبي «قوات حماية حضرموت» التابعة لـ«حلف قبائل حضرموت» المقرّب من السعودية.
كما أشارت إلى تسجيل مداهمات ونهب منظّم لمنازل ومحالّ عشرات المواطنين القادمين من المحافظات الشمالية، وسط اتهامات بوقوع تصفيات جسدية بحق عدد من العسكريين المنحدرين من محافظات عمران وذمار وريمة، بحسب إفادات عائلاتهم.
صنعاء: ما يجري مؤامرة إقليمية ودولية
في موازاة ذلك، نقلت الصحيفة مواقف صادرة عن صنعاء، اعتبرت ما يجري في الجنوب «مؤامرة إماراتية – سعودية – أميركية» تهدف إلى فرض واقع تقسيمي جديد. واتهم محافظ حضرموت المعيّن من قبل حكومة صنعاء، اللواء لقمان باراس، أطرافاً دولية بالوقوف خلف الاقتتال الدائر في حضرموت.
وأكد باراس أن التحركات الأخيرة تستهدف فرض موازين قوى جديدة تخدم مصالح إقليمية ودولية تسعى للسيطرة على مواقع استراتيجية وموارد حيوية في الجنوب والشرق اليمني.
تعزيز نفوذ الانتقالي في باب المندب والمهرة
تلفت «الأخبار» إلى أن الانسحاب السعودي ترافق مع تسارع في خطوات «المجلس الانتقالي» لتعزيز سيطرته العسكرية، لا سيما في المناطق الحساسة.
فقد فرضت قواته سيطرتها الكاملة على مقر اللواء الرابع التابع لـ«قوات درع الوطن» في منطقة رأس العارة الساحلية المطلة على مضيق باب المندب.
كما استكملت هذه القوات السيطرة على المعسكرات والمواقع العسكرية في منطقة شحن الحدودية مع سلطنة عمان، ما دفع السلطات العمانية إلى إعادة إغلاق منفذ شحن، بعد أيام فقط من إعادة فتحه عقب تسليمه لقوات موالية للرياض.
إغلاق الأجواء ووقف الدعم.. رسائل سعودية حاسمة
تضيف الصحيفة أن الرياض أغلقت الأجواء اليمنية بالتزامن مع توقف إمدادات الغاز المنزلي من منطقة صافر في مأرب، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها رسالة مباشرة لأبوظبي بأن السعودية لم تعد معنية بتحمل أعباء المشهد الجنوبي.
كما توقفت الأنشطة التي كانت تقوم بها المملكة عبر «برنامج إعادة الإعمار»، بما في ذلك تمويل مشاريع خدمية ومحطات كهرباء ومستشفيات، ما وضع الإمارات وحدها أمام تبعات ثقيلة فشلت حكومة عدن و«المجلس الرئاسي» في إدارتها رغم الدعم الدولي.
الإمارات تحتفل والحديث عن واقع انفصالي
في المقابل، تشير «الأخبار» إلى أن الإمارات واصلت التعامل مع التطورات بوصفها مكسباً استراتيجياً.
فقد عبّر مستشار رئيس الدولة، عبد الخالق عبدالله، صراحة عن دعمه لتوجه «الانتقالي» نحو فرض واقع انفصالي في الجنوب.
وكتب عبدالله أن الوقت قد حان لدول الخليج، في إشارة واضحة إلى السعودية، «للتصالح مع الواقع والاعتراف بالجنوب العربي كدولة شرعية»، في موقف يعكس حجم الثقة الإماراتية بالمسار الجديد الذي تشكّل على الأرض.
مشهد جديد في الجنوب
تخلص الصحيفة إلى أن ما جرى لا يمكن فصله عن إعادة رسم عميقة للمشهد اليمني، حيث اختارت السعودية الخروج التدريجي من الساحة الجنوبية، تاركة الإمارات أمام واقع سياسي وأمني مفتوح، يحمل في طياته تداعيات خطيرة على وحدة اليمن ومستقبل الصراع في المنطقة.
المصدر: صحيفة «الأخبار» اللبنانية



