الاخبار الرئيسيةتقارير وتحليلات

سفير بريطانيا الأسبق: السعودية تدرك عجز حلفائها أمام قدرات حكومة صنعاء .. والتدخل الخارجي بات الخيار الوحيد

اعتراف غربي بفشل الرهان العسكري

اليمن الجديد نيوز | متابعات وتحليلات

في اعتراف لافت يكشف حجم المأزق الذي وصل إليه معسكر التحالف في اليمن، أقرّ السفير البريطاني الأسبق لدى عدد من الدول، أدمون براون، بأن السعودية باتت تشعر بفشل واضح لقوات حكومة عدن والفصائل التابعة للمجلس الرئاسي في مواجهة قوات حكومة صنعاء، نتيجة ما وصفه بتفوق الأخيرة عسكرياً، إلى درجة تجعل أي تحرك ضدها غير ممكن من دون تدخل عسكري خارجي مباشر.

وجاءت تصريحات براون خلال مداخلة تلفزيونية مع قناة «الحدث»، عكست قراءة غربية واقعية لمسار الحرب، وأظهرت أن الرهان على القوى المحلية المناوئة لصنعاء لم يحقق أهدافه رغم سنوات من الدعم السياسي والعسكري.

تفوق حكومة صنعاء “الحوثيين” يفرض معادلات جديدة

السفير البريطاني أشار بوضوح إلى أن «القيام بأي عمل ضد قوات حكومة صنعاء من دون تدخل عسكري من السعودية والتحالف لن يكون سهلاً»، مؤكداً أن قوات حكومة صنعاء باتت تمتلك قدرات عسكرية تجعل خصومها يعانون من العجز نفسه الذي عاشوه خلال الأعوام السبعة الماضية، منذ اتفاق ستوكهولم عام 2018.

هذا التوصيف، الصادر عن دبلوماسي غربي مخضرم، يعكس تحولاً في الخطاب غير المعلن، حيث لم تعد المشكلة – وفق هذا المنطق – في نقص الدعم أو الوقت، بل في طبيعة القوة العسكرية التي تشكلت في صنعاء، وقدرتها على الصمود وتطوير أدواتها رغم الحصار والضغوط.

مخاوف من الجغرافيا والسيطرة على الساحل

وتطرق براون إلى ملف الانقسام، معترفاً بعدم وضوح أي سيناريو عملي قابل للتطبيق في هذه المرحلة، قبل أن يسلط الضوء على مأرب وتعز بوصفهما أكثر المناطق حساسية في الصراع، باعتبارهما كانتا جزءاً من اليمن الشمالي قبل الوحدة، وهو ما يجعل التخلي عنهما – بحسب تعبيره – أمراً غير مقبول لدى خصوم حكومة صنعاء (الحوثيين).

غير أن القلق الحقيقي الذي عبّر عنه السفير البريطاني تمثل في البعد البحري، إذ اعتبر أن سيطرة صنعاء على مناطق واسعة من شمال اليمن تعني عملياً السيطرة على ساحل البحر الأحمر وميناء الحديدة والموانئ المجاورة، وهو ما يمنحها – وفق توصيفه – القدرة على التأثير في حركة الشحن البحري متى شاءت.

هذا الطرح يعكس إدراكاً غربياً متزايداً بأن القوة التي بنتها حكومة صنعاء لم تعد محصورة في البر، بل باتت تمتد إلى معادلات البحر، وهو ما يفسر حجم الاستنفار الأمريكي والغربي في البحر الأحمر خلال الأشهر الماضية.

الدعوة لإعادة تدوير التحالف .. وهاجس 2018

وفي محاولة لاستعادة مسار فشل سابق، دعا براون إلى تدخل أمريكي مباشر لإعادة تجميع التحالف، وضمان تنسيق سعودي–إماراتي كامل، والعودة إلى ما وصفه بـ«الحل الذي كان قائماً قبل اتفاق ستوكهولم»، عندما كانت قوات التحالف السعودي على وشك السيطرة على ميناء الحديدة.

غير أن هذه الدعوة، في جوهرها، تعكس اعترافاً ضمنياً بأن ذلك الخيار لم يعد متاحاً بذات السهولة، وأن ميزان القوى الذي أفرزه ما بعد 2018 لم يعد يسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، خصوصاً في ظل ما راكمته صنعاء من خبرة عسكرية وقدرات ردع.

الشرعية في مأزق .. والدعم لا يحسم المعركة

وحول قدرة الولايات المتحدة على دعم ما يُعرف بـ«الشرعية»، أقرّ السفير البريطاني بأن المسألة «ليست سهلة»، وأن الأزمة مستمرة منذ أكثر من عقد، فيما ازدادت تعقيداً خلال السنوات السبع الأخيرة.

وأشار إلى استمرار بعض أشكال الدعم الغربي، كالتعاون البريطاني مع خفر السواحل، لكنه شدد في الوقت ذاته على الحاجة إلى «انخراط أكبر».

هذا الطرح يعكس مأزقاً واضحاً: فالدعم الخارجي، مهما اتسع، لم ينجح حتى الآن في كسر معادلة صنعاء، وهو ما يفسر انتقال الخطاب الغربي من الحديث عن «الحسم» إلى البحث عن «إدارة الصراع» واحتواء تداعياته.

غياب الرؤية الدولية .. وصعود واقع جديد

براون لم يُخفِ أيضاً ارتباك المجتمع الدولي، معتبراً أن رؤيته تجاه اليمن «غير واضحة»، ومقللاً من التعويل على دور الأمم المتحدة، في مقابل تأكيده على أن القيادة الأمريكية باتت – من وجهة نظره – العامل الوحيد القادر على جمع التحالف، على غرار ما جرى في ملفات أخرى.

لكن في المقابل، تكشف هذه التصريحات أن واقعاً جديداً فرض نفسه على الأرض، واقعاً لم يعد يُقاس فقط بحجم التحالفات أو الدعم الدولي، بل بقدرة القوى المحلية على الصمود وفرض معادلاتها.

وفي المحصلة، فإن حديث سفير بريطاني أسبق بهذا الوضوح عن فشل حلفاء السعودية، وعن صعوبة مواجهة صنعاء دون تدخل خارجي مباشر، لا يبدو مجرد رأي عابر، بل مؤشر على اعتراف متأخر بأن الحرب في اليمن أنتجت قوة لا يمكن تجاوزها بالخطاب ولا بالرهان على الوقت، وأن ميزان القوة الذي تشكل بات يفرض نفسه على الجميع، حتى في عواصم القرار الغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى