قراءة عبرية تكشف الرهانات الإسرائيلية في اليمن: صمود قوات حكومة صنعاء يربك حسابات السيطرة البحرية
تحليل لصحيفة عبرية يرى في التحولات جنوب اليمن “فرصة استراتيجية” للاحتلال، ويُقرّ ضمنًا بأن تراجع الضغط على صنعاء يمنحها تفوقًا عسكريًا متناميًا

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات
أولى الإعلام العبري اهتمامًا لافتًا بالتطورات المتسارعة في المشهد اليمني، في ظل التحولات السياسية والعسكرية جنوب البلاد، معتبرًا أن صعود المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا يشكّل منعطفًا مهمًا في توازنات الإقليم، مع انعكاسات مباشرة على طموحات كيان الاحتلال في الممرات البحرية الاستراتيجية.
وبحسب تحليل نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن تعزيز نفوذ المجلس الانتقالي يضع كيان الاحتلال أمام مسارين متناقضين؛ أحدهما يثير مخاوف أمنية، والآخر يفتح الباب أمام فرص استراتيجية غير مسبوقة في بحر العرب وخليج عدن، وهي مناطق لطالما شكّلت هاجسًا أمنيًا واقتصاديًا لتل أبيب.
سيناريوهان متقابلان في الرؤية العبرية
ويرسم التحليل العبري سيناريوهين محتملين للمرحلة المقبلة، يبدأ أولهما بالتحذير من أن استمرار الصراع بين الأطراف المحسوبة على السعودية من جهة، والمجلس الانتقالي المنصاع للإمارات من جهة أخرى، من شأنه أن يضعف القدرة على ممارسة ضغط متعدد الجبهات على قوات حكومة صنعاء.
ويقرّ التحليل، في هذا السياق، بأن هذا الوضع يمنح صنعاء ما وصفه بـ”سلام نسبي”، يسمح لها باستثمار الوقت في تطوير قدراتها العسكرية، وعلى رأسها الترسانة الصاروخية والطائرات المسيّرة بعيدة المدى، فضلًا عن تحديث أنظمة الدفاع، دون التعرض لضغط ميداني فعلي، وهو ما يُعد مصدر قلق متزايد لدوائر القرار في كيان الاحتلال.
“الفرصة الذهبية” من منظور الاحتلال
أما السيناريو الثاني، الذي اعتبرته الصحيفة العبرية “فرصة ذهبية”، فيتمثل في نشوء كيان جنوبي مستقر ومنضبط عسكريًا يفرض سيطرته على السواحل الاستراتيجية. ويراهن كيان الاحتلال، وفق التحليل، على علاقاته الوثيقة مع أبوظبي لتأمين حضور استخباري، وربما عسكري، إضافة إلى تعاون أمني واقتصادي في مناطق نفوذ المجلس الانتقالي.
ويشير التحليل إلى أن هذا الرهان يستند إلى تصريحات سابقة لبعض قيادات المجلس الانتقالي أبدت انفتاحًا على التعاون مع كيان الاحتلال، ما يفتح المجال أمام شراكات تتجاوز البعد الأمني إلى أبعاد اقتصادية ولوجستية مرتبطة بالملاحة الدولية.
السواحل اليمنية في قلب الأطماع
ووفقًا لما أوردته يديعوت أحرونوت، فإن إحكام سيطرة المجلس الانتقالي على ميناءي عدن والمكلا، بالتوازي مع الوجود الإماراتي في جزيرة سقطرى، من شأنه أن يعزز قدرة كيان الاحتلال على التأثير في طرق التجارة العالمية الحيوية.
ويرى التحليل أن هذا الامتداد البحري يمنح تل أبيب أدوات ضغط تمتد من مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وصولًا إلى قناة السويس، بما ينسجم مع سعيها التاريخي لإحكام النفوذ على شرايين الملاحة الدولية وتأمين مصالحها الاقتصادية والأمنية بعيدة المدى.
اعتراف ضمني بصلابة تهديد صنعاء
ورغم الرهان الإسرائيلي على المتغيرات جنوب اليمن، شددت الصحيفة العبرية على أن “الوضع الراهن لا يغيّر بشكل فوري التهديد الذي يشكله الجيش اليمني على كيان الاحتلال”، في إقرار واضح باستمرار فاعلية قوات حكومة صنعاء وقدرتها على التأثير في معادلات الردع الإقليمي.
كما لفت التحليل إلى أن ما يسمى بـ”الجنوب الجديد” يظل خاضعًا في الأساس لأجندة الإمارات، وليس كيانًا مستقل القرار، ما يفرض على تل أبيب، بحسب الصحيفة، انتهاج دبلوماسية حذرة تقوم على تعزيز الثقة مع أبوظبي، مع تجنب الاستفزاز العلني، خصوصًا في ظل التنافس الإقليمي القائم بين الرياض وأبوظبي.
مشروع أوسع وهيمنة ممتدة
وفي ختام التحليل، اعتبرت يديعوت أحرونوت أن مشروع الدولة الجنوبية المستقلة لا يزال، من وجهة نظر إسرائيلية، “وعدًا استراتيجيًا” واعدًا، في إشارة إلى ما قد يتيحه من تسهيلات أمام مساعي التوسع الإقليمي لكيان الاحتلال.
ويربط التحليل هذا الطموح بالسعي لتحقيق ما يُعرف بمشروع “إسرائيل الكبرى”، والهيمنة على كامل المنطقة، بما في ذلك بحارها وممراتها الحيوية، في مقابل حقيقة ثابتة تتمثل في أن بقاء قوات حكومة صنعاء فاعلًا ومتماسكًا يظل العقبة الأبرز أمام هذه المخططات.
المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية



