تقارير وتحليلات

تقرير إسرائيلي يكشف تعاوناً “هادئاً” بين تل أبيب والخليج والهند لمواجهة تحديات البحر الأحمر

تكنولوجيا الدفاع وأمن البنية التحتية تقود تنسيقاً غير معلن بعيداً عن التحالفات السياسية الرسمية

اليمن الجديد نيوز | تقارير وتحليلات

تعاون خلف الكواليس بعيداً عن الأضواء

كشفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن تنامٍ ملحوظ في تعاون “هادئ” وغير معلن بين إسرائيل ودول في الخليج والهند، يتركز على مجالات تكنولوجيا الدفاع وحماية البنية التحتية وسلاسل التوريد، في ظل التحديات التي فرضتها تطورات البحر الأحمر خلال العامين الماضيين.

وبحسب تقرير نشرته الصحيفة ورصده موقع اليمن الجديد نيوز، فإن أزمة البحر الأحمر سرّعت هذا النوع من التنسيق الوظيفي، الذي يجري بعيداً عن الأطر السياسية والتحالفات الأمنية المعلنة، مدفوعاً بما وصفته بـ“نقاط الضعف المشتركة” لا بالمواقف والخطابات الرسمية.

البحر الأحمر كنقطة ضعف استراتيجية

وأشار التقرير إلى أن الأزمة كشفت هشاشة بنيوية لدى إسرائيل، بوصفها اقتصاداً يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا وسلاسل التوريد العالمية، ما يجعلها بحاجة دائمة إلى اتصال بحري ورقمي آمن. ولفت إلى أن القطاع الدفاعي التقني الإسرائيلي، بما يشمله من الأمن السيبراني وأنظمة الاستشعار والمراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بات يتجه تلقائياً نحو معالجة التحديات التي تتقاطع فيها المجالات المادية والرقمية، ويُعد البحر الأحمر نموذجاً بارزاً لذلك.

تعاون بلا تحالفات رسمية

وأكدت الصحيفة أنه لا يوجد تحالف أمني رسمي يربط إسرائيل بدول الخليج والهند في منطقة البحر الأحمر، نظراً للحساسيات السياسية وتباين المواقف الإقليمية. ومع ذلك، يستمر التعاون عبر قنوات تقنية وعملياتية، يشمل تعزيز الوعي بالمجال البحري، وحماية البنية التحتية الحيوية، والمرونة السيبرانية، وأمن الخدمات اللوجستية، إلى جانب تقنيات دفاع ذات استخدام مزدوج.

وأضاف التقرير أن تبادل المعلومات وتطوير القدرات المتوازية والمعايير المتقاربة باتت تحل محل الاتفاقيات والمعاهدات العلنية، في نموذج تعاون يوصف بأنه “مرن سياسياً وفعّال عملياً”.

دعم مبادرات الربط الإقليمي

ورأت الصحيفة أن هذا التعاون الهادئ يسرّع تنفيذ مبادرات الربط الاقتصادي، وعلى رأسها الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، حتى في ظل غياب الزخم السياسي أو الاحتفالات الرسمية، إذ يُعد أمن البنية التحتية شرطاً أساسياً لأي تكامل اقتصادي عابر للأقاليم.

كما اعتبر التقرير أن هذا التنسيق يعيد تعريف البحر الأحمر بوصفه حلقة وصل بين الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، لا كحد فاصل بينهما، وهو تصور يتقاطع مع الرؤية الاستراتيجية للهند ويحظى بقبول متزايد لدى صناع القرار في الخليج وإسرائيل.

ثغرات وتحديات قائمة

ورغم أهمية هذا التقارب، أشار التقرير إلى وجود ثغرات هيكلية تحد من عمقه واستدامته، أبرزها استمرار التوترات السياسية والأمنية، ولا سيما الحرب في غزة وما خلفته من تجميد لمسارات التطبيع الرسمية، خاصة مع السعودية، ما يخلق فجوة ثقة مزمنة.

كما حذّر من هشاشة البنية التحتية المادية الداعمة لهذا الربط، مشيراً إلى الضغوط الأمنية المتزايدة على ميناء حيفا، الذي يُعد محوراً رئيسياً في الممرات الاقتصادية الناشئة، في ظل التهديدات الصاروخية والطائرات المسيّرة، وهو ما يثير مخاوف لدى شركاء محتملين في الخليج والهند بشأن موثوقية المراكز الإسرائيلية على المدى الطويل.

شراكة مرنة لا تعتمد على التصريحات

واختتم التقرير بالتأكيد على أن هذه الثغرات لا تلغي التعاون الناشئ، بل تشكّل ملامحه، إذ تدفع الأطراف المعنية إلى تفضيل نموذج تعاون هادئ ومرن، يقوم على التكرار والمرونة والتخفيف التكنولوجي، بدلاً من الالتزامات السياسية العلنية، معتبراً أن الشراكات الأكثر استدامة في المرحلة الراهنة هي تلك التي تُبنى على الأنظمة والقدرات، لا على التصريحات والاتفاقيات الرسمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى