قرار مفاجئ من صندوق النقد الدولي يربك الحكومة اليمنية بعد تطورات حضرموت والمهرة
تعليق المشاورات والدعم الفني يُنذر بتراجع الغطاء الدولي وسط فقدان السيطرة المالية والأمنية

اليمن الجديد نيوز | أخبار
كشفت مصادر مطلعة، الخميس، أن صندوق النقد الدولي قرر تعليق نشاطه مؤقتاً في مناطق سيطرة حكومة عدن المعترف بها دولياً، في خطوة وُصفت بغير المتوقعة، وجاءت على خلفية إخفاق الحكومة في تنفيذ حزمة من التوصيات الجوهرية التي سبق أن اشترطها الصندوق، وفي مقدمتها توحيد الموارد العامة، ورفع سعر الدولار الجمركي، وبسط السيطرة المالية والنقدية على جميع المحافظات الواقعة ضمن نطاق سلطتها، ولا سيما محافظة حضرموت التي شهدت مؤخراً تحولات ميدانية كبيرة بعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات عليها، وفق ما أوردته وسائل إعلام محلية.
ونقل موقع “يمن فيوتشر” عن مصدر اقتصادي في العاصمة الأمريكية واشنطن قوله إن صندوق النقد الدولي اتخذ، أمس الأربعاء، قراراً مفاجئاً بتأجيل اجتماع مجلس إدارته الذي كان مخصصاً لمناقشة مشاورات المادة الرابعة الخاصة باليمن، إلى أجل غير مسمى، مشيراً إلى أن القرار جاء نتيجة مباشرة للتطورات الأمنية والسياسية المتسارعة في المحافظات الجنوبية.
وأوضح المصدر أن هذا التوجه جاء بناءً على توصيات صادرة عن عدد من الدوائر الداخلية في الصندوق، مؤكداً أن التعليق سيظل سارياً “حتى إشعار آخر”، في انتظار استكمال تقييم عاجل للوضع العام للحكومة اليمنية، التي غادرت العاصمة المؤقتة عدن عقب سيطرة المجلس الانتقالي على حضرموت والمهرة وما رافق ذلك من اضطرابات سياسية وأمنية.
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة “عدن الغد” عن مصدر حكومي رفيع تأكيده أن صندوق النقد الدولي أوقف نشاطه مؤقتاً في مناطق الحكومة اليمنية، موضحاً أن القرار يشمل تعليق عدد من الاجتماعات الفنية والمشاورات الجارية، بما فيها التحضيرات المرتبطة بمشاورات المادة الرابعة التي كان من المفترض عرض نتائجها على مجلس إدارة الصندوق خلال الفترة المقبلة.
وأشار المصدر الحكومي إلى أن هذا التطور يمثل مؤشراً سلبياً على فرص حصول الحكومة على دعم دولي عاجل، سواء فيما يتعلق باستقرار العملة الوطنية أو تمويل برامج الإصلاح الاقتصادي التي يجري الحديث عنها منذ أشهر.
ولفت إلى أن تعليق أنشطة الصندوق يعكس، بشكل غير مباشر، وصول الحكومة إلى طريق مسدود في ملف إخضاع السلطات المحلية في المحافظات، خصوصاً حضرموت النفطية التي امتنعت سابقاً عن توريد إيراداتها إلى البنك المركزي في عدن قبل أن تنتقل السيطرة عليها إلى المجلس الانتقالي.
وتزامن هذا القرار مع إطلاق المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، حملة عسكرية خلال الأيام الماضية لبسط سيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة، ما فجّر أزمة حادة داخل مجلس القيادة الرئاسي، وأدى إلى توتير المشهد الأمني والسياسي، ودفع غالبية أعضاء الحكومة اليمنية إلى مغادرة عدن باتجاه السعودية، للحاق برئيس مجلس القيادة رشاد العليمي الذي كان قد غادر المدينة في وقت سابق.
وكان العليمي قد وصف ما أسماه “الإجراءات الأحادية” التي اتخذها المجلس الانتقالي بأنها تقويض مباشر لسلطة الحكومة وتهديد خطير للاستقرار ومستقبل العملية السياسية، محذراً، في تصريحات نقلتها وكالة سبأ الرسمية، من تداعيات اقتصادية ومعيشية خطيرة لأي اضطراب في حضرموت والمهرة، بما في ذلك تعثر دفع رواتب الموظفين، ونقص الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، وتفاقم الأزمة الإنسانية، إضافة إلى نسف ما تحقق من إصلاحات اقتصادية وتقويض ثقة المانحين بالحكومة.
ويُذكر أن صندوق النقد الدولي كان قد اشترط، في بيانه الختامي لمشاوراته الأخيرة مع الحكومة اليمنية والبنك المركزي، والتي عُقدت في العاصمة الأردنية عمّان خلال الفترة من 28 سبتمبر إلى 8 أكتوبر 2025، استمرار فرض الحكومة سيطرتها على الإيرادات العامة في جميع المحافظات الواقعة ضمن نطاقها، وتوحيد الرسوم الجمركية والضريبية، محذراً من استمرار امتناع بعض المحافظات عن توريد عائداتها إلى البنك المركزي في عدن، باعتبار ذلك عائقاً رئيسياً أمام أي دعم مالي أو تمويلي مستقبلي.



